زوار مدونتي الكرام..
* تمّ إغلاق المدونة، وإيقاف إمكانية التعليق على التدوينات..

** كذلك أحببت التنويه إلى إمكانية التحكم في المقطع الصوتي وإيقافه إن أحببتم عن طريق الآيقونة في آخر الصفحة..
وفقيرة أبقى لدعائكم

الجمعة، 8 يونيو 2012

عكّاز..


على مقاعد الإنتظار جلسا متجاورين..
رجلان تفنن الزمن في خط علاماته على وجهيهما..
ييممان شطر الستين من العمر إن لم يكونا تجاوزها..
لا يعرفان بعضهما..وطيلة الوقت لم تحن من أحدهما للآخر إلتفاتة..
أحدهما ينتظر موعده للغيار عند عيادة القدم السكرية، يسند نفسه على عكّازه، ولو حانت منك إلتفاتة إلى رجليه، لرأيت إحداهما فاقدة لأصبعين..
خرجت الممرضة من العيادة..
نادت بإسمه..
همّ بالقيام..لكن قدماه خذلتاه ربما لطول مدة الجلوس والإنتظار..
بلا تعمد..أمسك بساعد الذي إلى جواره..
فألتفت الآخر إليه، وسنده بيده الآخرى وثبت ساعده جيدا، وقال: هيا قول يا الله..
وساعده في الوقوف..بل وصحبه حتى باب العيادة..
والرجل يقول له بإمتنان: الله يرضى عليك..
كنت اتأمل المشهد من مكتبي، وأنا أنظر لضعفين يسند أحدهما الآخر بشيء من التأثر ومشاعر لم أستطع تصنيفها..فهي تدرك ولا توصف..
قطع علي هذا الشرود ..صوت أحد المراجعين يسألني : هي عيادة الباطنة فين يابنتي ؟
كان السائل رجل مسن مصري الجنسية ولهجته ريفية من الصعيد ..
لم أكن أرى منه عبر النافذة إلا جزءه العلوي..وأنتبهت إلى كونه يستعين بعكازين ظاهرين من تحت أبطيه..
غالبا لا إحتكاك لنا بالمرضى، ونحولهم عند السؤال على الإستعلامات، لكن لا أعلم لماذا قلت لهذا الرجل: أي عيادة باطنة يا أبي؟
فقال لي: ما أعرفش والله يابنتي أنا جاي عشان أبني عنده موعد وقالو لي هنا؟
قلت له: معك كرت الموعد ؟
قال لي: لا ؟
فسألته: إذن هل تعرف رقم ملفه على الأقل؟
فأجابني: لا والله يابنتي، دا أنا حتى أول مرة آجي هنا ؟
فقلت له: حسنا ، يا أبي..ولا يهمك أعطني اسم ولدك وإن شاء الله أقدر أساعدك..
أعطاني اسم ولده، وبحثت عنه في الكمبيوتر، وعرفت موقع العيادة ودللته عليه..
توجه إليها شاكرا على عجل فلقد كان واضحا أنه قلق على ابنه كثيرا..
قمت أنا لأكمل عملي، وخرجت من مكتبي لأحد العيادات..
ثم عدت إليه بعد قليل..
لأجد الرجل المصري هناك ..يبحث عني..
وعندما رآني بادرني قائلا: شكرا لك يادكتورة..ربنا ينور دربك ويوفقك يارب
ثم مضى..
بينما تسمرت أنا في مكاني قليلا..
لقد كان بقدم واحده !!
ولقد حظيت أنا كذلك في تلكم اللحظات..
بعكّاز!!
____________________________

مهداة مع باقة من الإمتنان..إلى الأخ المؤمن الدكتور صادق العمران

هناك تعليقان (2):

  1. إلتفاتة إنسانية رائعة تدل على حس مرهف ومشاعر رقيقة ومحبة للخير .. كم نتألم كثيرا لبعض المضاعفات التي تحصل للبعض وخاصة في ظل إمكانية عدم حدوثها .. لكن نتألم أكثر عندما نصل لأرذل العمر ولا نجد من يسندنا إلا عكاز خشبي عوضا عن ما اعتقدنا أننا قد أنجبنا عكازات تسندنا مع الزمن ..!!
    نسأل الله أن يمن علينا عكازا من لحم ودم ومشاعر فياضة تخفف عنا في كهولتنا ..!!

    فعلا قراءة إنسانية رائعة ..يا صاحبة عصارة العصارة ..!!

    أخوك صادق العمران

    ردحذف
  2. أمة .....
    اسأل الله لك أخية أن يجعل ولاية أحبته سندا لك يوم ...لكي ...

    لاتلثم

    ردحذف

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.