زوار مدونتي الكرام..
* تمّ إغلاق المدونة، وإيقاف إمكانية التعليق على التدوينات..

** كذلك أحببت التنويه إلى إمكانية التحكم في المقطع الصوتي وإيقافه إن أحببتم عن طريق الآيقونة في آخر الصفحة..
وفقيرة أبقى لدعائكم

الأربعاء، 22 أغسطس 2012

في آمان الله..


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
تأخرت كثيرا جدا في هذا القرار..
رغم إعترافي بنضوب الكأس.. ونفاذ العصارة..منذ زمن
أيها الكرام..

المدونة مغلقة..
وستبقى معروضة للأرشفة فقط..


وختاما..
لم يبق لي إلا القول..

أشكركم من كل قلبي

وأتمنى أن تتذكروا أن رسالة مدونتي كانت هي ذاتها كلمات هذه المناجاة التي أردتها أن تحفظ نبض الكلمات رغم الممات:
(خابَ الوافِدُونَ عَلى غَيْرِكَ، وَخَسِرَ المُتَعَرِّضُونَ إِلاّ لَكَ، وَضاعَ المُلِّمُونَ إِلاّ بِكَ، وَاَجْدَبَ الْمُنْتَجِعُونَ إِلاّ مَنِ انْتَجَعَ فَضْلَكَ، بابُكَ مَفْتُوحٌ لِلرّاغِبينَ، وَخَيْرُكَ مَبْذُولٌ لِلطّالِبينَ وَفَضْلُكَ مُباحٌ لِلسّائِلينَ، وَنَيْلُكَ مُتاحٌ لِلامِلينَ، وَرِزْقُكَ مَبْسُوطٌ لِمَنْ عَصاكَ، وَحِلْمُكَ مُعْتَرِضٌ لِمَنْ ناواكَ، عادَتُكَ الاْحْسانُ اِلَى الْمُسيئينَ، وَسَبيلُكَ الاِبْقاءُ عَلَى الْمُعْتَدينَ، ُاَللّـهُمَّ فَاهْدِني هُدَى الْمُهْتَدينَ، وَارْزُقْني اجْتِهادَ الْمجْتَهِدينَ، وَلا تَجْعَلْني مِنَ الْغافِلينَ الْمُبْعَدينَ، واغْفِرْ لي يَوْمَ الدّينِ)
سامحوني..
إبرءوا ذمتي..

ولا تنسوا فقري لدعائكم..

السبت، 21 يوليو 2012

تراتيل قلبٍ عاصٍ..


متباركين بشهر الرحمة والغفران..جعلنا الله وإياكم من أهل هذا الشهر العاملين فيه بما يوجب لنا رضاه ومغفرته
________________________________________


ولجت ليلة ضيافتك الأولى..

أحمل بين يدي صحائف الرجاء..

وعلى ظهري ترتفع أحمال الذنوب..

أتيتك بوجه لم يتوارى خلف أستار الحياء..
أعدت على أعتابك قطع عهودٍ أحترفت نكثها..
ولم أرعوي!!


هدّني هذا السقم ياسيدي...

أحرقتني ليال الضياع يامولاي..
لازلت أقرع بابك بجرأتي..
لازلت آتيك كأنني قديسة قدمت نفسها على مذبح العشق..
وأمدّ يدي..
وأتلو طلبتي..
وأخادع نفسي..
وأقول لكل غدٍ أنت موعد توبتي..

هدّني ثقل الجرم يا سيدي..

لازلت أتفيؤ ظلال إحسانك إلي..
لازلت أغترّ بسترك علي..
لازلت أغض الطرف عن قلبي المشوه بحريق الآثام..

هدّني حريق البعد ياسيدي..

آآهٍ..حتى متى تغرق نفسي في لجةّ الشهوات..
آآهٍ حتى متى يمضي بأخبار تضييعها ركب السنوات..

مولاي..
أتراك عاملتها بما تستحق؟؟!

سيدي..

أتفعل ذلك بي وأنت ربي؟!!

إلهي بجاه كرمك الذي يجل عن مجازاة المذنبين..

أقبضني إليك..قبل أن أستزيد في معصيتك أكثر..
دعائكم فكم أفتقر إليه..

الخميس، 5 يوليو 2012

في لظى الإشتياق..




يا قمر التمّ الى ‌م السرار
ذاب محبوك من الانتظار
لنا قلوب لك مشتاقة
كالنبت اذ يشتاق صوب القطار
فيا قريباً‌ شفّنا هجره
والهجر صعب من قريب المزار
دجا ظلام الغيّ فلتُجلِه
يا مرشد الناس بذات الفقار
يستنصر الدين ولا ناصر
وليس الا بكم الانتصار
متى نرى بيضك مشحوذةً
كالماء صافٍ لونها وهي نار
متى نرى خيلك موسومةً
بالنصر تعدو فتثير الغبار
متى نرى الاعلام منشورةً
على كُماةٍ لم تسعها القفار
متى نرى وجهك ما بيننا
كالشمس ضاءت بعد طول استتار*



________________________


متباركين بميلاد طاووس الجنة..
جعلنا الله وإياكم من أنصاره وأعوانه ومقوية سلطانه والمستشهدين بين يديه..
محاولة متواضعة في عمل مونتاج بسيط لهذا العمل الإنشادي الرائع..
ونسأل من الله تعالى وصاحب الأمر عجل الله تعالى فرجه الشريف ..القبول

فقيرة أبقى لطهر دعائكم..___________________________
* الأبيات للسيد
 الجليل جعفر الحلي رضوان الله عليه..

الجمعة، 15 يونيو 2012

وقفة وفاء لأكف العطاء..( الذكرى الثانية لإنطلاقة المدونة)


زدت في الإدبار ..عاما أيا عمري..
قد غدا التذكار..نصلا به يفري!!
آهٍ ألــلإعمار... دربا به نسري؟

_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ __ _ _ _ _ 

إنها السنة الثانية من عمر عصارة العمر المعتق..
عمر ضربته رياح الجفاف ..حتى نضب كأسه..
كم مرّت على هذه العصارة ليالٍ أذن فيها مؤذن الخواء..
وكم من مرة أردت إعلان حالة الوفاة السريرية لسطورها..
لكن..
في سوادها تمتد أكفٌ خضراء..
تورق بين جنباتها..
وتجبر العصارة أن تسيل بالرحيق..
أيها الكرام ..
إستميحكم عذرا في عام عصارتي الثاني إن أوقفكم على شرفاتها..
لتشرفوا منها على لحظاتٍ صنعت عمر هذه العصارة التي بدأت من
تهادي جدار ..وأستندت في آخرى على عكّاز
وبين الجدار والعكّاز..
جربت إحباط..
وأشرق في ظلامها هلال..
الأستاذ/ إيمن الظفيري..قادح شرارة وتهادى الجدار
والكريم المؤمن/ مهدي توفيق.. صانع التحدي في إحباط..
وأستاذي المؤمن الجليل / هادي المحسن...مضيء سراج هلال
والأخ الصادق دكتور/ صادق العمران.. مَسنَدُ العكّاز
وغيرهم..أقلام هنا لم تبرح تنثر بين جنبات العصارة من طهرها شذرات، فترتد بصيرة رغم غرقها في الظلمات..
الأستاذ المؤمن/ لا تلثم رأسا تجهل فكره..الماكث ساجدا في المحراب..
الأخت العزيزة / مـــلكْ...ملائكية الحضور
والأخت العزيزة/ أم الحسن.. النابض قلب مدونتي بحضورها رغم الغياب..
والأخت الحنون/ أم مهدي.. الباعثة دفئها في الجنبات..
والأستاذ المؤمن/ شهريار..الواهب عمقا للكلمات..
والعزيزة/ بدرية الموسى.. العازفة على أوتار الإنسانية أعذب النغمات..
والأستاذ المؤمن/ أبو فاطمة الرمح المنتظر.. ذو القلم الإنساني العميق..
أيها الكرام..
وجدت من الإجحاف بحقكم أن يمرّ من عمر عصارتي عامان .. كنتم لها فيها دماءا سارية في عروقها بالحياة، ولا أقف لأقول لكم
جزاكم الله عني خير جزاء المحسنين..
علمتموني الكثير..وكنتم أساتذة لي بالفعال..
علمتموني حقا : ( ما كان لله ينمو) حتى أخجلتموني عندما غارت بذرتي أمام إرتفاع غراسكم..
علمتموني : (  أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى الله أَنْفَعُهُمْ لِلّنَاسِ )

إذ كانت كلماتكم ضياءا لي في الطريق..
علمتموني أن أخجل من قلمي، وأن أثقله بحمل الأمانة، فلا أخط به إلا ما يليق بأن تقع عليه عيون متابعتكم لسطور هذه الأقل..
أنتم أيها المتفضلون عليّ بترك بصمة هنا..
ومن خلفكم ..العابرون بعيونهم بصمت.. يستوجب مني عظيم الإمتنان..
لكم جميعا..أقول
(من لم يشكر المخلوق، لم يشكر الخالق)
فشكرا لكم..إذ جعلتم عصارتي تبلغ العامين..
وحقا كما قال أمير المؤمنين عليه السلام : ( لا تستح من إعطاء القليل، فإن الحرمان أقل منه)
فكنتم بحق..قطرة النور في عصارة الأيام..

خالص الدعاء..واسألكم الدعاء

وشكرا من القلب لكم

الجمعة، 8 يونيو 2012

عكّاز..


على مقاعد الإنتظار جلسا متجاورين..
رجلان تفنن الزمن في خط علاماته على وجهيهما..
ييممان شطر الستين من العمر إن لم يكونا تجاوزها..
لا يعرفان بعضهما..وطيلة الوقت لم تحن من أحدهما للآخر إلتفاتة..
أحدهما ينتظر موعده للغيار عند عيادة القدم السكرية، يسند نفسه على عكّازه، ولو حانت منك إلتفاتة إلى رجليه، لرأيت إحداهما فاقدة لأصبعين..
خرجت الممرضة من العيادة..
نادت بإسمه..
همّ بالقيام..لكن قدماه خذلتاه ربما لطول مدة الجلوس والإنتظار..
بلا تعمد..أمسك بساعد الذي إلى جواره..
فألتفت الآخر إليه، وسنده بيده الآخرى وثبت ساعده جيدا، وقال: هيا قول يا الله..
وساعده في الوقوف..بل وصحبه حتى باب العيادة..
والرجل يقول له بإمتنان: الله يرضى عليك..
كنت اتأمل المشهد من مكتبي، وأنا أنظر لضعفين يسند أحدهما الآخر بشيء من التأثر ومشاعر لم أستطع تصنيفها..فهي تدرك ولا توصف..
قطع علي هذا الشرود ..صوت أحد المراجعين يسألني : هي عيادة الباطنة فين يابنتي ؟
كان السائل رجل مسن مصري الجنسية ولهجته ريفية من الصعيد ..
لم أكن أرى منه عبر النافذة إلا جزءه العلوي..وأنتبهت إلى كونه يستعين بعكازين ظاهرين من تحت أبطيه..
غالبا لا إحتكاك لنا بالمرضى، ونحولهم عند السؤال على الإستعلامات، لكن لا أعلم لماذا قلت لهذا الرجل: أي عيادة باطنة يا أبي؟
فقال لي: ما أعرفش والله يابنتي أنا جاي عشان أبني عنده موعد وقالو لي هنا؟
قلت له: معك كرت الموعد ؟
قال لي: لا ؟
فسألته: إذن هل تعرف رقم ملفه على الأقل؟
فأجابني: لا والله يابنتي، دا أنا حتى أول مرة آجي هنا ؟
فقلت له: حسنا ، يا أبي..ولا يهمك أعطني اسم ولدك وإن شاء الله أقدر أساعدك..
أعطاني اسم ولده، وبحثت عنه في الكمبيوتر، وعرفت موقع العيادة ودللته عليه..
توجه إليها شاكرا على عجل فلقد كان واضحا أنه قلق على ابنه كثيرا..
قمت أنا لأكمل عملي، وخرجت من مكتبي لأحد العيادات..
ثم عدت إليه بعد قليل..
لأجد الرجل المصري هناك ..يبحث عني..
وعندما رآني بادرني قائلا: شكرا لك يادكتورة..ربنا ينور دربك ويوفقك يارب
ثم مضى..
بينما تسمرت أنا في مكاني قليلا..
لقد كان بقدم واحده !!
ولقد حظيت أنا كذلك في تلكم اللحظات..
بعكّاز!!
____________________________

مهداة مع باقة من الإمتنان..إلى الأخ المؤمن الدكتور صادق العمران

الجمعة، 25 مايو 2012

مسٌ من سقر !!





الزمان: ليلة الرغائب / رجب 1433هـ..
المكان: حيث ألقيت عليّ القميص أول مرة.. فرددت نبضي من بعد طوال موات..
الحدث:
أتيت أخشى أن تحرمني اللقاء..
أتيت بقلبٍ هدّه ألم الإنتظار..
أتيت بجرحٍ نزفه يؤلمني ..
موقعه هناك..حيث أسكنتك..

في صدري..كنت أحمل صلدا قتله البعاد..
كنت أخشى أن تعامله بما يستحق..
ألقيت بين يديك كل الأقنعة..
أعترفت بين يديك ..أن السواد أحرقني ..
توسلت إليك..بأن لا تردني..

رجوتك أن تغمسني بماء الطهر علّني أذوق طعم الحياة..
تعلم أن هذا الإشتياق أليم..
والحرمان منه عين الجحيم !!

وعزتك أشتاقك..فلا تعذبني بالحرمان..
وأصدع قلب ذلك الجلمود..

بأزهار الأمل..


دعائكم

الجمعة، 11 مايو 2012

زهراؤك ياهلال..


هلال..
هذا المقطع وقعت عليه قبل أيام..
تأملته طويلا، وكررت مشاهدته بلا سأم..
تمنيت أن أقول لك: صنعت زهرآءك ياهلال..
كلمتك لها محال أن تمحى..
وغدا ستقرّ بها عينا بجاه الزهراء عليها السلام..
لله أنت..
أستشهدت..
وبكلمة واحدة لثوانٍ معدودات..
أسست لصناعة الإنسان..
يقول مولانا أمير المؤمنين عليه السلام : "هكَذَا تَصْنَعُ الْمَوَاعِظُ البَالِغَةُ بِأَهْلِهَا!" 

ما اطول مكثي في سوح هذا السؤال أيها الهلال..

حتام أبقى..غريبة عن أهلها !!!!


وبين الزهراء عليها السلام وهلال..حتما
لن تنقضي الحكايا !!

الأحد، 15 أبريل 2012

وداعاً دكتور كمال الدين ابراهيم..


فقدنا اليوم نائب مدير العيادات ..
الدكتور / كمال الدين ابراهيم..( مصري الجنسية)
في العقد الخامس من العمر، إثر نوبة قلبية لم يتحملها قلبه المريض..
فقدنا الطبيب الإنسان..
فقدنا المدير الذي يتعامل مع كل منا كأخ له، ويتفانى في خدمة الجميع..
فقدنا الأب الرحيم، والأخ الكبير، والطبيب الشفيق..
فقدنا إنسانا حقا لا يحزن إلا على خسارة مثله..
فقدنا من كان يتعب نفسه لأجلنا، لأجل المرضى ولا يكلّ
 ولا يشتكى، وعندما نقول له :دكتور صحتك أرتح قليلا، يقول: هو في الآخر حيبقى لنا إيه إلا دا؟
فقدت الذي كان يتصل بنا كل صباح، ويقول كلمته الدائمة: آلو السلام عليكم، كيف حالك يا أختي ..طيبة إن شاء الله؟طيب نبتدئ بئه..
ثم يشرع بتوجيهنا لخدمة مريض جاء إليه ويحتاج عرضا مباشرا على الطبيب ولا يحتمل دوامة التأخير.. 
لم يناديني بإسمي يوما ولو بالخطأ من شدة إحترامه وخلقه النبيل..
وإذا حصل إشكال مع أحد الزميلات أو الزملاء كان يعتذر بنفسه كأنما هو المخطيء ، ثم ينصف كلا من الآخر دون أن يتجاوز على أيٍ من الطرفين..
فقدنا من كنا عندما نذهب إليه مرضى، كان بنفسه يترك مافي يده، ويذهب إلى الصيدلية ليصرف لنا العلاج ويحضره، بل ويفعل ذلك لكل العاملين في المستشفى من أكبر طبيب وحتى أصغر عامل، ويتفقدنا في كل وقت حتى يطمئن على تحسن حالتنا..
فقدنا المتواضع للجميع..
فقدنا إبتسامة الصباح التي تتحمل ضغط العمل وتحفزنا على العطاء اللامحدود..ويقول لنا دائما: أهو دا اللي حيفضل لنا بعدين..
فقدنا الأب الذي كان يفتخر ببناته ويقول لنا: انا بنتي السنة دي توجيهي..ويحكي لنا عن آماله وتطلعاته نحو مستقبلها بعيون تتلألأ ببريق الحب الأبوي، والفخر ، والشوق لشم رائحة الولد..
هذا الرجل ..بل هذا الإنسان الخلوق، الطيب..فقده ممض ممض جدا..
مذ ألتحقت بالعمل في المستشفى منذ سنتين وهو لم يغبّ إلا يومين..
يوم كان مريضا لم يستطع التحامل على ألمه والحضور..
واليوم الثاني هو هذا اليوم..عندما باغته قلبه المريض بجلطة لم يصمد حيالها كعادته في الصمود..
أبى أن يموت إلا إلى جوارنا في الطواريء، كأنما يودعنا قبل الرحيل..
اليوم كان الجميع يبكي، لم يستطع أحدٌ حبس دمعته..
كلنا اليوم كنّا ابناءه، وأخوته..
لم يكن أي أحد منا زميل عمل..كلا كلنا كنا أهل الفقيد الغريب..
رحمك الله دكتور كمال..
بالأمس فقط كنت معنا، بالأمس فقط ضحكت في وجوهنا، بالأمس فقط مددت يدك تمسح على ذلك المريض الذي أصيب بالدوار في مكتبك نتيجة هبوط السكر في دمه..
دكتور..كان آخر عملك التحنن على محتاج..
تحنن الله عليك بحق محمد وآل محمد..
وداعا أيها الطبيب الإنسان..
يشهد الله فقدك كم وكم أحزنني..
رحمك الله بجاه محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين..
( رحم الله من يذكر هذا الطبيب الطيب بثواب الفاتحة تسبقها الصلوات كرامة لمحمد وآل محمد)

الأحد، 8 أبريل 2012

حدثنا ياهلال..




اللهم صلّ على محمد وآل محمد وعجلّ فرجهم..
___________________________



حدثنا ياهلال..
عن أحاديث العشق المتقاطرة من طهر فاطمة..

حدثنا ياهلال..
عن وجهٍ عندما طأطأ لمولاه شق مفرق الضياء مزهرا لملائكة السماء..

حدثنا ياهلال..
عن حوراء أطلت على الدنيا فوقعن لها حورالجنان سجدا من فرط البهاء..

حدثنا ياهلال..
كيف يتلعثم الكلم عند باب فاطمة..
كيف كان عند إعتابها يقف الهدى مستأذنا؟
وإن رأها وقف، وقبل يدها مسلما على أم أبيها !

حدثنا ياهلال..
عن كفؤ عليّ سيد الوصيين..
عن تلك العظيمة المجهولة قدرا، المعفية قبرا..
عمن تخدمها أملاك السماء..
وعن دمعها الجاري في ظلمة الليل .. متوسلا لخالق الأكوان أن يعفو عن العصاة من أمة أبيها؟!..

بربك ياهلال حدثنا..
كيف جهلنا عظمتها ، وتوانينا عن معرفتها ، حتى أصبحت عند البعض مجرد امرأة باكية، إما لغصب الحق وإما لقتل الولد؟!
كيف جعلناها فقط مجرد ثاكل، ونسينا أنها حجة الله على حججه في الأرض*، التي يرضى لرضاها ويسخط لسخطها؟!


هلال..
هلاّ فسرت لي شيئا من معاني تلك المقدسة حيرني في موضعين؟؟!
في كربلاء..قال الحرّ: ( اما لو غيرك من العرب يقولها لي وهو على مثل هذه الحال ما تركت ذكر امه بالثكل كائنا من كان، والله مالي الى ذكر امك من سبيل الا بأحسن مانقدر عليه)
فلم يكن له جزاء عند ربه إلا أن كان ممن قال فيهم سيد الشهداء عليه السلام : ( اللّهم إنك تعلم أني لا أعلم أصحاباً خيراً من أصحابي، ولا أهل بيت خيراً من أهل بيتي،فجزاكم الله خيراً) ؟؟!!
وفي تموز 2006  قلت أنت : ( الزهراء لها خصوصية، إسم السيدة الزهراء له وضع خاص في نفسي)

فأرتفعت إلى ربك شهيدا؟؟!!

هلال..
بجاه فاطمة..بجاه فاطمة..بجاه فاطمة..
سل الله أن يعرفنا..
من فاطمـــة!!



__________________



-عن عائشة أم المؤمنين قالت : ما رأيت أحدا أشبه سمتا ودلا وهديا برسول الله في قيامها وقعودها من فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسله قالت وكانت إذا دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم قام إليها فقبلها وأجلسها في مجلسه وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل عليها قامت من مجلسها فقبلته وأجلسته في مجلسها ) سنن الترمذي جزء 5 - صفحة 700 ح 3872

-عن الإمام الحسن العسكري (ع) : (نحن حجج الله على خلقه، وفاطمة حجة الله علينا)
- إهداء خاص مغلف بأعبق طيب الشكر وأصدق الإمتنان لأستاذي المؤمن هادي..صاحب المونتاج الجميل والمتميز لهذا الفيديو.. 
 

الجمعة، 30 مارس 2012

ســرب الحَــمَام..


السلام عليكم ورحمة الله..
هذه التدوينة تراودني منذ زمن طويل، قد تستغربون لو علمتم أنه أمتد لأكثر من سنتين بل من بدايات نشري للمدونة، وقد تتسآءلون :وما المانع إذن من تسطيرها طيلة هذه الفترة ؟
بصراحة أقول..أن بعض المشاهدات تسكب في النفس أمورا تدرك ولا توصف..ولا أعلم حقا أن كنت سأوفق لعرضها الآن بشكل جيد، يحملكم لأجواء الشعور ذاته، أم لا؟
هو حنين القلم و " حنّته " أن ينثر ما يثقل قلبه حبرا على هذه الأوراق، وليتولى الله أمره بعدها ..
اسألكم العذر لقصور البيان..

_________________________________________________
 

قبل أكثر من سنتين كنت في كل صباح معتادة على إصطحاب ابن أخي لمدرسته الإبتدائية، والتي تتربع على قمة المدارس القوية وذات الصيت في مدينتي ، لذا تقع في أحد الأحياء الراقية جدا، محاطة بسياج الهدوء، والفلل الفاخرة..

كنت في كل صباح اتأمل وجوه الأطفال وهم يتوافدون إلى المدرسة نازلين من سياراتهم الخاصة ، فأرى المرسيدس، واللكزس ، وغيرها، وطفلا صغيرا بمجرد أن تقف السيارة يركض السائق ليفتح له الباب، ليمضي هو إلى الداخل بدون إلتفات لسائقه الذي يركض ورائه حاملا حقيبته المدرسية؟!

بعض الأحيان كانت براءة الأطفال لا بد أن يعلو صوتها رغم أغلال الأبهة، فتجد أحدهم يفرح إذ رأى صديقا له، ويتراكضان مبتسمين نحو بعضهما، أو يلوحان من بعيد، ثم يكملان المسير..

كنت أفرح كثيرا عندما أرى أحدهم يبتسم لأبن أخي ويلوح له، لا أعلم لماذا؟ ربما هو الأنس بالإنسانية المحضة الهاربة من قيود البرستيج ؟؟!!

وبعد أن أودِّع ابن أخي ، وتشيعه عيناي حتى دخول المدرسة، كنت أستأنف المسير ميمّمةً شطر المدرسة التي كنت أعمل بها..

كان حال مدرستي معاكسا تماما لما عليه مدرسة ابن أخي، مدرسة ذات مبنى حكومي عادي على شارع ضيق مملوء بالحفر في أحد الأحياء الفقيرة المهملة ، وخلفها كذلك مدرسة أولاد إبتدائية لا تختلف عنها بحال، وتحيط بها بيوت متواضعة وأخرى متهالكة، ولا يجف شارعها من طفح مياه الصرف الصحي ،ولا تردم حفره، وتتراكض إليها أقدام ضعيفة مغبرة الأحذية؛ ومنها ما بلي من كثرة الإستخدام، وتقف على بابها سيارات متواضعة، لا تخلو من خدش هنا، أو آثار صدمة هناك، ولا أحد يجري عند توقف السيارة أمام الباب ليفتح للطفلة بابا، ولا لينزل إليها حقيبة إلا إذا كانت السيارة "ميني باص" مكتضٌ بمن فيه فلجأ صاحبه إلى رص تلك الحقائب فوق سقفة، أو ربما سيارة صغيرة تتسع لخمسة ركاب، لكن ينحشر فيها عشرة، ويضطر الأب إلى وضع الحقائب في صندوقها..

عند مدرسة ابن أخي..ترى واجهات المحلات الراقية مثل (  DunkinDonuts  ) وغيرها مما محاه النسيان من ذاكرتي الآن، وتقابل وجوها ترتدي أفخر الماركات، وتلمع إطارات نظاراتها الشمسية، وساعاتها اليدوية في ضوء الشمس فتلفتك إلى وجودها رغما عنك..

وعند مدرستي..ترى بقالة صغيرة يزدحم على بابها الأطفال،وبوفية متواضعة لا تزيد مساحتها عن المتر في متر ونصف تتسع بالكاد لوجود الصاج، والموقد الذي يصنع عليه الشاي، وتحضر عليه أنواع الساندويتشات والفطير الشعبي، وعند الزاوية تقف عربة قديمة تبيع "البليلة واليغمش" كما نسميها هنا، وفي نهاية الدوام لا تتبين ملامحها من تجمع الأيدي الصغيرة المرتفعة بالريال حولها..

عند مدرسة ابن أخي..تستغرب إن رأيت أبا ممسكا بيد ولده يصحبه لداخل المدرسة لأن ذلك نادر جدا، ولا يكون ذلك الطفل غالبا ممن ألتحق بتلك المدرسة بالتسجيل فيها ودفع الرسوم، بل ممن حظي ببعثة داخلية لتفوقه كما هو الحال مع ابن أخي، إذ غالبا ما كان يقول لي عندما نرى أحدا من الأطفال بصحبة أبيه : هذا زميلي فلان، من الفائزين بالمسابقة حقت الموهوبين، يعني مو من المسجلين في دار الفكر ؟؟!!
وعند مدرستي..كم مرة يلفت نظري منظر سيارة متهالكة تنوء بثقل ركابها لكثرة عددهم، وبابها الأيسر من جهة الراكب الخلفي مربوط بحبل ليثبته، وعندما تقف بحذاء الباب ينزل الأب الذي لا تخطئ العين مقدار ما يحمل على كتفيه من ثقل هموم المعاش؛ ليفتح الباب الآخر من الخارج، فينسل الأطفال خارجا واحد تلو واحدة يتضاحكون، ثم يتوجهون إلى صندوق السيارة ليأخذوا حقائبهم من يد ذلك الوالد  الذي لا ينسى أن يطبع على بعض الوجنات قبلة سريعة لترى أجمل إبتسامات رسمت على صفحة الصباح، من قلوب صغيرة ممتلئة فرحا وزهوا تتلفت حولها بسعادة علها تلمح إحدى الصديقات وقد رأت تلك القبلة الأبوية تنطبع على وجنتها بحنان..
وبين المدرستين..كنت أمر على شارع فيه مساحة مرصوفة يجتمع فيها سرب حمام كل صباح فيأتيهم رجل نحيل عجوز يقارب السبعين من العمر،يمشي ببطئ متوكأ على عصاه التي إتخذها من أحد أغصان الشجر، ويحمل في يده كيس الحبوب، ينثرها لتلك الحمامات التي ما أن تراه حتى تطير نحوه في أُلفةٍ جميلة، وتحيط برجليه تلتقط الحب المتساقط منه، ومنها ما يقف على كتفه كأنما يقدم له صنوف الإمتنان!
وبين المدرستين..وسرب الحمام..كم توقفت بخجل أرقب دروس القناعة وشكر النعم ؟!

آه  ياليتني كنت  على أعتاب الرضا والشكر حمامة..

دعائكم..فكم أفتقر إليه

______________________________

إهداء خاص مغلف بباقات الشكر والإمتنان إلى الأخ الموقر الكريم الدكتور صادق العمران..
والأخت العزيزة  أم مهدي..
مع خالص الدعاء

الخميس، 8 مارس 2012

لحواء في يومها..


في اليوم العالمي للمرأة ..أود أن أقول لحواء تذكري أنك تجلٍ لجلال الله تبارك إسمه وجماله، لذا فدروك في هذه الحياة عظيم وتأثيرك بليغ ..
والأثر العظيم والتأثير البليغ لا يؤتي أطيب جناه إلا إذا نبع من نفس عالية الهمة، تفهم معنى أن الله جلّ وعلا رفع قدرها وحمّلها أسمى الرسالات..
لا تصدقي كل إدعاءات المظلومية التي ينفثها دفّانوك حية في تراب الماديات..
أنت قادرة بالكامل على العطاء اللامحدود الذي خلقت له، وحرص خالقك أن يحفظك لتأديته بأكمل وجه خارج المنزل بحجاب كامل معنوي ومادي يظهر كم أنتِ نفيسة جدا عند خالقك، وفي داخل المنزل بتحميلك أعظم مهمة وهي صنع الإنسان..
لذا لا تتنازلي أبدا عن أقل القليل من تقدير ومِنَح هذا الإله العظيم لك، وكوني غيورة جدا على حفظ هذا الحب المقدس والمحب الأقدس..

أنتِ ظلٍ لله في الأرض..فلا تشوهي الظل لأن أصله جمال مطلق

دعائكنّ..ودعائكم لنكون ممن سمع فوعى

الثلاثاء، 28 فبراير 2012

كِسرَةُ عُمر..



جاء إلينا ملقيًا التحية بلطف، وقال : يا أبنتي الله يعطيك العافية، باب دورة المياه في غرفة الإنتظار مغلق، وزوجتي تريد الدخول، فممكن تساعدينا رجاءا..
قلت له : نعم يا أبي..أسترح سأرى ما المشكلة لا تقلق..
وذهبت لغرفة إنتظار النساء التي لم يكن بها أحد سوى زوجة ذلك الرجل، وطلبت من عامل النظافة أن يرى مشكلة الباب، فقام بمعالجته وفتحه..
كان الرجل واقفا عند باب غرفة الإنتظار، وزوجته تقول له: خلص هلأ بيفتحوا الباب، أرتاح أنتا..
وهو يرد عليها: دقيقة بس ليفتحوه وبروح..
فتح الباب، وعدت لمكاني، وذهب الرجل ليجلس على المقاعد الموجودة في الممر والمخصصة لإنتظار الرجال..
كان ذلك يصادف وقت الإستراحة عندنا والذي يمتد لساعة ونصف تقريبا، فذهبت للصلاة والإستراحة، ثم عدت لأجد ذلك الرجل يجلس على مقعد متحرك، قد جاء به من الطواريء إذ لا تتوفر الكراسي إلا هناك، والمسافة من العيادات الخارجية حيث نحن وحتى الطواريء مع رحلة البحث وطلب الكرسي..تحتاج في أقل تقدير لنصف ساعة ، لذا فهمت أنه يود بجلوسه عليه حجزه لئلا يأتي أحد من العاملين لأخذه.
كنت قد رأيت هذا الرجل عند مروره أمام غرفتنا صباح هذا اليوم مع زوجته، لأنني أعرفهما من كثرة التردد على المستشفى للمراجعة، وإن كنت لا أعلم أي العيادات يراجعون، إلا أنهما يأتيان دائما، حتى حفظنا شكلهما، وأظن أنهما في هذا اليوم جاءا منذ العاشرة على أقل تقدير، وهاهي الساعة الآن تسير نحو الثانية ظهرا وهما لا يزالان متواجدين، ولم ينتهيا من مراجعتهما؟
أنشغلت بعدها بعملي، وعند قرابة الثالثة إلا ربعا..خرجت قاصدة أحدى العيادات لأنجز عملا ما..
عند عودتي..أستوقفني منظرٌ في نظري وجدته مؤثرا جدا..
لقد وجدت ذلك الرجل يسند زوجته بعد خروجها من عيادة غيار القدم السكرية (Diabetic foot ) ويجلسها على ذلك الكرسي المتحرك، ثم يبذل جهده كله في دفعها  ويحث المسير خارجا..
نسيت أن أخبركم أن ذلك الرجل كان تقريبا في أواسط الستينات من العمر، قد غطى الشيب رأسه، محدودب الظهر قليلا، يمشي ببطء يشي بأن الروماتيزم ينخر في عظامه، وأن ظهره ذاك أنّ من وطأة السنين..
وأن زوجته العجوز نحيلة جدا، قد ذوى جسدها من المرض..ومع ذلك كان دفعها على ذلك الكرسي بالنسبة إليه شاقا، وكان يجرّ قدميه جرّا أثناء المسير..
وأنهما يبدو لا أولاد لهم، فلم أرى معهما أحدا يوما رغم كثرة المراجعات..
وأنني كنت أرى صورة نادرة من الوفاء وإقتسامٌ لكِسرةِ العمر، هزتني من الأعماق، وأرغمت دمعي على الهطول!

دعائكم..فكم أفتقر إليه

الجمعة، 17 فبراير 2012

أَوَ تذكُر؟!


تدوينة تتطلب طقساً خاصاً عند قرآءاتها..أطفئوا الأضواء..أخرسوا الأصوات..إضغطوا على زر تشغيل مقطع الفيديو أعلاه..ثم لا تنسوا أن تأخذوا بيدي علّكم تكونون لي ذات يوم شفعاء..
________________________________

فور تخرجي من الجامعة كنت واحدة من ست طالباتٍ أرسلتهم الجامعة للتدريب كفنيي مختبر طبي في إحدى المستشفيات الحكومية، طبعا هذه المعلومة ربما ليست جديدة على المتابعين للمدونة لكن ذكرتها لأحكي لكم موقفا تعرضت له آنذاك لم ولن يمحى من ذاكرتي رغم أني مبتلاة بداء النسيان أعاذكم الله منه!!
كانت زميلاتي الخمسة صديقات من شعبة واحدة، بينما كنت أنا من شعبة مختلفة، لذا كنت الغريبة بينهم..
علاوة على أنني كنت المنقبة الوحيدة في المجموعة ، بينما كنّ من المتهاونات في الحجاب - وهنا لا أقصد فقط مجرد كشف الوجه - وبعضهن متبرجات ولا يتحفظن في الحديث أو الضحك أو التعامل مع الزملاء، لكنهن والشهادة لله كنّ معي في قمة اللطف والتعاون والإحترام رغم إقتصار تواجدي معهن في وقت العمل ورسمية التعامل بيننا، إذ كنت أجنح للوحدة أوقات الفراغ، بينما كنّ يتجمعن في كافتيريا الموظفات معاً..
كانت مدة التدريب قرآبة الثلاثة أشهر، قضيت منها مع زميلاتي قرابة الشهر قبل أن تنظم إلينا زميلة جديدة خريجة كلية التربية، كان ظاهرها مثلي تلبس النقاب، وملتزمة ، لذا كان من الطبيعي أن ننسجم معاً ونشكل ثنائيا نقضي أغلب الوقت معاً منذ بداية الدوام عند الثامنة صباحاً، وحتى نهايته عند قرابة الثالثة عصرا؛ فنتبادل الأحاديث في أمور شتى ، ونمت بيننا ثقة متبادلة وإرتياح وأريحية في التعامل مع تتابع الأيام..
بعد مضي قرابة الشهرين وأسبوع من مدة التدريب، كانت العلاقة قويت بيني وبين زميلتي تلك، وكنّا نتقاسم الوجبة الغذائية معاً، بل وعندما تكون إحدانا لا تملك نقودا لشراء شيء تأكله وقت الراحة لا نتحفظ في الطلب من بعضنا، بل وبدون طلب أصلا كل واحدة لا بد أن تذكر الأخرى إذا أرادت أن تشتري لنفسها شيئا من الأكل أو الشراب، ناهيكم طبعا عن التعاون في مضمار العمل..
في تلك الفترة إنضمت إلى المجموعة فتاة جديدة منقولة من المستشفى العام، وكانت هذه الفتاة مثلنا منقبة، فأصبحنا ثلاثة نجتمع معا ونتواجد معا أثناء وقت الإستراحة..
لكن هذه الفتاة منذ البداية لم نكن أنا وزميلتي مرتاحين لها كثيرا، لأنها جريئة في التحدث عن أمور خادشة إن صح التعبير، وكنا كلما عملنا أنا وزميلتي على تغيير دفة الحديث، لا بد أن تعود إلى ذكر قصص مخجلة لا يجوز ذكرها، علاوة على إشاراتها الدائمة بطريقة مقززة لبعض الأمور، وحديثها الدائم عن علاقة الحب التي تربط إحدى فتيات مجموعتنا مع أحد الموظفين، وأنها رأتهما معا، وخرجا معا ووو ..إلى آخر هذا الكلام السخيف الذي لم يكن يهتم له أحد غيرها!!
منذ البداية كنت وزميلتي واضحتان في عدم قبولنا بهذا النمط مع الأحاديث،لكنها كانت لا تملّ ولا تكلّ، حتى قررت في مطلع الإسبوع التالي لمجيئها عدم أخذ وقت راحة إلا للصلاة ، بينما لم تستطع زميلتي فعل ذلك، لأنها كانت تنحرج منها عندما تلح في الطلب للذهاب لتناول الغداء، وكانت عندما تعود تنقل لي كلام تلك الزميلة وهي مستاءة جدا، فكنت أقول لها إذن أفعلي مثلي، أو قولي لها لا تتكلم في هذه المواضيع، لكنها كانت تظهر تذمرا وعدم جرأة على فعل ذلك، وأنها لن تحرم نفسها من الإستراحة بسبب هذه الفتاة..
في إحدى المرات جاءت زميلتي تلك وهي خائفة وغاضبة في الوقت ذاته، وذكرت لي كلاما مخجلا قالته تلك الفتاة، وأنها باتت تشك أنها غير سوية وتخاف على نفسها من أن تتسب لها بأذى، فكنت أتحدث معها مظهرة طبعا نفوري وإحتقاري لتلك الفتاة ، وقلت لها في معرض الحديث : الله يشفيها..ثم نسيت الأمر تماما..
كان قد بقي أسبوع واحد فقط على نهاية فترة التدريب، وكانت تلك الحادثة حصلت آخر الإسبوع ما قبل الأخير، وفي مطلع الأسبوع الأخير، ذهبت كعادتي كل يوم للمستشفى ، وكان يوما هادئا على غير العادة، ولم أرى زميلتي فيه فخمنت أنها لن تحضر، ثم أنشغلت في العمل تماما..
وعند قرابة منتصف النهار..لم ألتفت إلا وتلك الفتاة واقفة على رأسي في القسم الذي كنت فيه أعمل وحدي في المختبر، لأن زميلاتي كن متوزعات على الأقسام بعد أن أنتهينا منها جميعا ، بحيث أختارت كلا منّا التوجه للقسم الذي تجد أنها تحتاج فيه لتدريب أكثر، فأخترت أنا قسم المايكرو وخصوصا المزارع البكتيرية (  Cultures ) والذي لم أقض فيه وقتا كافيا كبقية الزميلات اللاتي أمضين فيه شهرا كاملا تقريبا..
كانت عينا تلك الفتاة تقدح شرارا، وما أن رأتني حتى بادرتني بصوت مرتفع : إذا أنتي تظني نفسك إنك شيء تراك ولا حاجة، أنا أشرف منك ومن اللي جابوك، أنا تقولين عني الله يشفيها، الله لا يشفيك ياقليلة الأدب والله لأفضحك وأعرّف الكلّ حقيقتك، أنتي مين إنتي تتكلمي عليّ وكمان تقولي عن فلانة ( إحدى الموظفات) إش فيها غايبة لها كم يوم، وحتى فلان ( آخر من الموظفين) غايب كمان يعني بتلمحي على أيش حضرتك..
ألجمتني الدهشة والصدمة، وحاولت الدفاع عن نفسي فقلت لها : نعم؟؟!! ومتى تكلمت عنك؟ ثم أنني كنت اسأل عن تلك الزميلة بشكل عادي لأنها كانت تشرف على تدريبي، وأنتهي من عندها لأذهب للتدريب عند الزميل الآخر، فلما فوجئت بغيابهما تعطل تدريبي وتسآءلت من باب الأسف على ضياع يومي بدون فائدة!!
إذ ذاك برزت زميلتي من ورائها ، وقالت لي : لا يافلانة، أنتي قلتِ عنها الله يشفيها لا تنكرين كلامك، وكمان كان كلامها ما يعجبك وكنت تقولين لي لا تجلسين معها!!
طبعا أنا في تلك اللحظة لم أعد أميز السماء من الأرض، وتمادت تلك الفتاة في التطاول وأخذت تقول بصوت مرتفع : أنا اللي ما يشرفني أجلس معك، وحده مريضة وتفكر كل الناس زيها، أنا راح أدفعك ثمن كلامك هذا غالي، أنتي حيّا الله متدربة ، فوقي لنفسك، أنتي مين عشان تطلعين سمعة على الموظفات !!!
طبعا كان من الواضح أنها بذلك الكلام والصوت المرتفع كانت تريد إجتماع الموظفات والموظفين حولنا ليتم لها ماتريد، لكن الله خيب سعيها، فبحمد الله كان القسم شبه فارغ، كما أنني قمت سريعا وخرجت من المكان ، ولعناتها وتوعداتها تلاحقني!!
خرجت والصدمة تجتاحني،والأرض تتزلزل تحت قدمي لقد تلقيت للتو صفعة من زميلتي التي أمضيت معها شهرين نأكل من طبق واحد، وكنت أتحدث معها بأريحية، لأجد أن ذات النقاب هذه ليست سوى إنسانة مخادعة ذات وجهين عديمة الضمير، كانت تريد لي الفضيحة، وكانت تنقل للأخرى مايدور بيننا من حديث تظهره بمظهر أنني المبادرة إليه، وأنني دائما ألوك سيرة الأخرى على لساني، في الوقت الذي كانت تنقل لي كلامها وقصصها البذيئة مظهرة الإستياء منها!!
كانت صفعة مؤلمة جدا ، وأذكر أنني بكيت طويلا، وشعرت بحريق في صدري من تلك الخيانة بل وتلفيق التهم، وسلبت مني القدرة على الوثوق بالآخرين مطلقا، وآثار هذا الجرح بقيت تلازمني لفترة ، وكان الدرس قاسيا جدا بالنسبة لي!
تخيلت هذا الموقف ومرارته، وسوء حالتي فيه، ومشاعري حينها المختلطة بين الألم والفجأة والخوف والذهول والمرارة والخيبة والسقوط من شاهق ، بينما كنت أشاهد حلقة من مسلسل الملكوت على اليوتيوب يظهر فيها البطل في مكان بلا ملامح وصوتٌ يدوّي حوله بالسؤال : أتذكُرُ ما فعلته عندما كنت شاباً !!
هذا المسلسل يحكي قصة رجل مات دماغيا، ويصور مسيرته في عالم البرزخ..(  يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا )
ذلك الرجل..كان كذلك ناسيا تماما جنايته تلك في دار الدنيا !!!
ووجدت بين جنبّي كذلك دوّياً عالياً لهذا السؤال:

ترى..غدا كيف سيكون حالي عندما يأتيني السؤال بـ: أَوَ تذكر؟؟!!

( آهٍ اِنْ اَنَاْ قَرَأتُ في الصُّحُفِ سَيِّئَةً اَنَاْ ناسيها وَ اَنْتَ مُحْصيها فَتُقُولُ خُذُوهُ فَيالَهُ مِنْ مَأخُوذٍ لا تُنْجيهِ عَشيرَتُهُ وَ لا تَنْفَعُهُ قَبيلَتُهُ  )
إلهي العفو..
دعائكم..فكم أفتقر إليه

الجمعة، 27 يناير 2012

نضوب حتى إشعار آخر..


نسألكم الدعاء..وبراءة الذمة

الجمعة، 13 يناير 2012

سرّ الحياة



تدوينة أوبخ بها نفسي..علّني أرعوي..أو لعلّه يومٌ يكون لي قلبٌ، أو إلقي السمع وأنا شهيد
________________________________________

هذه القصيدة واحدة من أكثر القصائد الأثيرة لنفسي والتي أبدع فيها الشاعر في محاولة قراءة ملامح سيد الشهداء عليه السلام..وإن كانت أي قراءة مهما بلغت فهي قاصرة في حق حسين الخلود ماخلا قراءة المعصوم عليهم جميعا الصلاة وأزكى السلام..

في بعض سطور تلك القراءات نجد نبي الرحمات صلوات الله عليه وآله يقرر لنا في عبارة واضحة قاطعة :
( الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة)
هذه العبارة بالنسبة لي لا تفنى عجائبها ما أنفكت تتمخض عن عمق جديد عاما بعد عامٍ مذّ صدح بها سيد المرسلين صلوات الله عليه وآله..
في طريق الحياة..يطول بنا المسير في تعاريج أيامها، بين يوم حلو وآخر مرّ..ونفق مظلم وكوة نور..
في تلك الخطوات كلها تبقى قلوبنا معلقة بشيء واحد تتحرك نحوه بدأب..وتأمل الوصول إليه مهما أرهقها المسير وأدمتها العراقيل..
ذلك الشيء هو الشعور بالرضا والسعادة..فهذا مؤمل كل حيّ على وجه الأرض..
نبينا الكريم صلوات الله وسلامه عليه يضع بين أيدينا بوصلة الوصول إلى غايتنا تلك..
نعم أنه الحسين..
الحسين الذي رغم تكالب المصاعب عليه، و وقوف الألوف ضدّه، وجحدهم حقه، وقتلهم عياله، وسبيهم نسائه..
إلا أنه كان في كربلاء الثابت على الحق، والناصح بالرفق، والداعي بحسن الخلق، والصابر رغم ضيق الحلق..
الحسين كان الزوج المخلص، والأب الرؤوم، والأخ الغيور الرحيم..
الحسين كان العامل بجهده ، المتوكل على حسن تقدير ربه، الراضي بقدره،المستسلم لأمره..
الحسين كان العابد العارف الذاكر الله كثيرا حتى آخر رمقٍ في عمره الشريف..
الحسين كان الأمل والبسمة رغم إشتداد الضراب وعظم الخطب ومرارة الخذلان..
الحسين هو شمعة تضيء في كل دروب الحياة..
وها نحن اولاء نقف على ذكرى أربعينه هذه الليلة..
فهل ترى تعرفنا شيئا من الحسين -عليه السلام- خلال الأربعين؟؟!!
هل خرجنا من حرارة دفق الدم في عاشوراء على أنفسنا العاكفة على أسقامها بثورة!!

أصيخوا السمع..


دققوا النظر..


( الحسين مصباح الهدى..وسفينة النجاة)
.
.

فمتى يحين لضياء ذلك النبراس منّا..إلتفاتة؟!
دعائكم فكم أفتقر إليه

الجمعة، 6 يناير 2012

من سمع..ليس كمن رأى!





حكت لي إحداهن موقفا مرّت به قبل فترة، فأحببت أن أذكره لكم هنا لما فيه من عبر في نظري، ولأنظر رأيكم فيه وفي تصرفها حياله من جهة أخرى..
___________________________

قبل قرابة السنتين ونيف..وفي سحر أحد أيام الخميس، رنّ جرس الباب في منزلنا..
طبعا ظننتُ نفسي مخطئة وأنه يهيئ لي سماع ذلك..لأنه عادة جرس ماقبل الفجر يوحي بنذير سوء؟
عاد الجرس يرن مرة أخرى لأهبّ فزعة هذه المرة ، سألت من؟
فجأني صوت شقيقي : هذا أنا أفتحي الباب..
أنقبض قلبي بشدة، مالذي أتى بأخي في هذه الساعة المتأخرة إلينا؟، ولماذا لم يذهب إلى بيته؟
فتحت الباب بسرعة لأسمع صوته من خلفه يحدث أحدا ما قائلا: شكرا شكرا ،فتحوا خلاص..
ثم رأيت يد أخي تمتد لتمسك بطرف الباب متوكأ عليه، وبصعوبة جرّ نفسه للداخل حتى أستطيع إسناده..وإغلاق الباب!!
كان أخي يسير على قدم واحدة، والأخرى ملفوفة بشاش طبي..سألته بفزع: سلامات وش صاير؟
ردّ وروحه تكاد تخرج من شدة الألم: لدغتني عقرب..
كان أخي قد ذهب إلى البرّ مع أصدقائه في اليوم السابق، رحلة تستغرق ثلاث ساعات ونصف من المسير ، وبينما هم مستمتعون بالأجواء الربيعية تسللت عقرب ولدغته، فمضى به اصدقاؤه سريعا إلى أقرب مركز صحي في تلك الهجرة المتواضعة، وتمّ إعطاءه مصلا مضادا للسمّ، وعادوا مرة أخرى لمكانهم، ولم تمض دقائق حتى أخذ أخي يصرخ من الألم من جديد، فأسرعوا به إلى مركز صحيٍ آخر أبعد قليلا من سابقه، ليقرر المناوب فيه أن لديه تحسسا من المصل المضاد للسمّ، وقام بإعطاءه مصلا آخر مضادا للحساسية..
لم يستطع أخي الرجوع مرة أخرى من شدة الألم فرجا صاحبه أن يذهب به إلى المنزل، ففعل - رحم الله والديه - ذلك، ليصل به إلينا عند السحر وهو يبذل قصارى جهده لكبح ألمه..
بصعوبة أسندت أخي حتى أقرب غرفة ومددته فيها، و وجه مسودٌ من شدة ما يقاسيه، حتى أنه غطى وجهه عنا لئلا نراه ورفض أن أشعل الضوء في الغرفة!!
أرتفع صوت الآذان ، وسألت أخي إن كان يحتاج شيئا لأنني أريد أن أصلي الفجر، فأجابني بالنفي، فذهبت سريعا لآداء الفريضة، وعدت إليه، لأجده يتلوى من الألم ولا يقوى على الإحتمال أكثر، فأسرعت في لبس عبائتي، وأتصلت بالسائق لأوقظه من النوم لينقلنا إلى المستشفى، خرجنا سويا في الظلام فلم تكن قد أشرقت الشمس بعد ، وبأسرع ما يمكن ذهبنا به لأقرب مستشفى لبيتنا، وفي قسم الطواريء عندما علمت الطبيبة المناوبة بالحالة رفضت إستقباله لأنه لا يعرف اسماء الأمصال التي أعطيت إليه، وخشيت أن تعطيه شيئا يؤدي إلى قتله لتفاعل السموم..
فقمت بإخراجه سريعا من ذلك المستشفى، وأنا أشعر بالإمتنان حقيقة من تلك الطبيبة التي لم تجازف بحياة شقيقي وتجعله مسرحا للتجارب، رغم كون المستشفى خاصا، لكنها ردت إلينا المبلغ كاملا..
أحترت قليلا بعدها في وجهتي، لكنني أمرت السائق أن يتوجه بنا إلى أقرب مستشفى حكومي، وكان يبعد عنا مسافة نصف ساعة تقريبا، كان أخي حينها قد فقد تجلّده تماما، وأخذ يصرخ من الألم، وسارت بنا السيارة بأقصى سرعتها، ووصلنا للمستشفى عند قرابة السابعة صباحا، وقفنا عند بوابة الطورائ، لأنزل مسرعة من السيارة إلى الداخل أحضر كرسيا متحركا لأخي الذي لم يكن يستطع إلا الصراخ والتلوي من شدة الألم، كنت وحيدة معه فلم يساعدني في إخراجه من السيارة وإجلاسه إلا السائق، ودفعته للداخل لأذهب به إلى غرفة الفرز، وأنا أشرح للممرض هناك ما أصابه، ثم تركته معه لأتوجه سريعا إلى الإستقبال لأفتح له ملف طواريء وفق الروتين المعمول به، دقائق غبتها وصوت أخي لم يغب عني، لأعود إليه فأجد الممرض أنهى قياس الضغط والحرارة، وتفضل مشكورا بمساعدتي في دفعه لأدخله قسم الحالات الإسعافية، حيث تركني معه هناك، وأنا أجهد في إسناده ليستطيع التمدد على السرير..
كان أخي يحاول جاهدا كبح ألمه، وكنت أعلم أن صراخه ذاك كان رأس البركان كما يقال، وإلا داخله يفتك به الإلم وهو يجالد صابرا مستحييا مني أن أراه هكذا، وكنت بدوري كذلك أجاهد لأسيطر على قلقي وأحافظ على هدوئي حينها ..
في قسم الحالات الإسعافية كانت تنتظم الإسرة بجوار بعضها في غرفة واحدة كبيرة، في أولها يجتمع الممرضون وطبيبان مناوبان، متشاغلين بالحديث تارة وبإدخال معلومات في الكمبيوتر تارة أخرى بينما توزع المرضى على الأسرة هنا وهناك..
كنت أتوقع أن أحدا من هؤلاء سيهب لنجدتنا والسؤال عمّا يعانيه أخي عند دخولنا ..لكن هذا مالم يحصل؟؟!!
أنتظرت لدقائق وأنا أنظر للأطباء والممرضين فلم يلتفت إلينا أحد..رغم أن سرير أخي كان قريبا منهم ،وأصلا الغرفة ليست بذلك الكبر بحيث لا يلتفتون لوجود حالة إسعافية جديدة تصرخ من الألم !!
جاء رجل الأمن وقال : لو سمحتِ هذا القسم للرجال ممنوع تواجدكِ فيه!!
نظرت إليه بغضب، لكنني تماسكت وبنبرة صوتٍ ثابتة قلت له: ألا ترى أن معي حالة إسعافية؟؟!!
قال : اتركيه هنا سيأتي له الأطباء الآن..أرجوكِ أخرجي!!
تماسكت قليلا وقدّ بلغ بي الغضب مداه من هذا المجتمع الذي تحركه عقولٌ أتى عليها العفن، فتواجد إمرأة في قسم الحالات الإسعافية للرجال يسترعي الإنتباه رغم تواجد الممرضات أصلا هناك، وصراخ وتلوي أخي من الألم لا يلتفت إليه أحد!!!
تركت رجل الأمن واقفا لأذهب للطاقم الطبي المتواجد، والذين كانوا يتبادلون الضحك، فسألتهم لو سمحتم من الطبيب المناوب، فلم يلتفت منهم أحد!!
فأمسكت بيد أحدى الممرضات وقلت لها: أين الطبيب؟!
فأشارت إلى الأثنين الجالسين إلى جوارها يتبادلون الحديث!!!
توجهت إليهم بالحديث : دكتور من فضلك هل تسمعني!؟
لم يردّ عليّ أي منهما، وأكملا حديثهما..فرفعت صوتي قليلا هذه المرة وأعدت الكلام، فنظر إلي أحدهما بتململ..وقال لي: نعم !!!!
فقلت له: هذا الذي يصرخ منذ دقائق على السرير رقم ثلاثة، أنه أخي وقد لدغته عقرب ليلا..
فقال: أوه عقرب، وأين وجدها هذا..جاي من البادية حضرته!!
تلك اللحظة والله لولا الحياء والدين لصفعت هذا الطبيب الصفيق حقا، لكن تماسكت: وشرحت له ماحدث، فقال: حسنا حسنا، سنرى مابه..
فقلت له : متى؟..لقد أنهى قرابة الخمس دقائق منذ دخوله هنا ولم يتحرك منكم إليه أحد!!
فنظر لي من طرف عينه، وقال لأحدى الممرضات أن تذهب إليه!!
ذهبت معي الممرضة التي كانت ممتعضة جدا، لأن وقت الوردية أنتهى وهي تريد الذهاب، وزميلتها قد تأخرت في المجيء لتستلم مكانها، قامت في إستعجال بوضع حقنة المغذي في يدّ أخي، ومن فرط إستعجالها أدخلت الإبرة في وريده بعجل ولم تثبت فيها الإنبوب جيدا، ليندفع الدم من يدّ أخي بقوة ، ويلوث المكان..
كنت كجبل من الغضب حينها، ومع ذلك تماسكت رغم أنتباهي لخطأ ما تفعله منذ البداية فلقد كنت أعمل لسنة كاملة فنية مختبر، ولدي خبرة في إبر الوريد..فتوجهت لها بالقول: على مهلكِ لو سمحتِ، ولم أزد!!
ثبتت الإنبوب في مكانه ، وثبتت المغذي على الحامل، وعادت إلى مكانها في سخط واضح، وأنا أنظر لساعتي لأجد الدقائق تشير إلى نصف ساعة لنا في هذا المكان دون أي اجراء طبي يعتدّ به في حالة إسعافية!!!!
صبرت خمس دقائق أخرى ممنية نفسي أن يحضر الطبيب الذي كلمته قبل قليل، لكن دون جدوى، وكان أخي من شدة التعب والصراخ قد أخذ بالتراخي على السرير، فجنّ جنوني خوفا عليه، وذهبت مرة أخرى للطبيب ولم أشعر بنبرتي الحادة الصارمة معه، وأنا أقول له: لوسمحت حالة إسعافية، مصابة بتسمم، وتمضي نصف ساعة في قسم إسعافي وأنت تجلس هنا لتضحك دون أن تكلف نفسك حتى عناء إلقاء نظرة عليه، أي إسعافية في هذا المكان بالله عليكم؟ هل تنتظرونه يموت مثلا!!!
قام الطبيب متثاقلا وهو ينظر إلي وعيناه تقول: أنت مزعجة، وأخذ يسألني : أين هو مريضك؟
فتمالكت نفسي لئلا أردّ عليه بغضب مرة أخرى، فهو حتى لم ينتبه إلى سرير أخي رغم أنه أمامه ويصرخ منذ وقت ليس بالقليل، لكن أشرت له على السرير قائلة: ها هو ذا سرير رقم ثلاثة !!
فذهب إليه: وتصنع إبتسامة ممجوجة وهو يسأله عمّا يشكو منه، وأخي يجيبه بأنهاك كامل، وتراخٍ على السرير من شدة الإلم، فقال له: لا بسيطة إن شاء الله، نسوي تحليل دم، ونشوف شنو النتيجة!!
ونادى على أحدى الممرضات لتسحب منه عينة دم وتدفع بها إلى المختبر ( urgent ) وعاد إلى مكانه مرة أخرى، فقامت الممرضة بذلك مشكورة، وألتفت لأجد رجل الأمن من جديد آتيا نحوي يطالبني بالخروج!!
لزمت الصمت، وخرجت من القسم، ووقفت عند بابه الزجاجي أراقب ما يحدث، فجاءني رجل الأمن مرة أخرى وقال: اذهبي للإستراحة في آخر الممر لو سمحتي، فوقوفك هنا ممنوع!!
هنا لم أستطع كظم غضبي، فالممر يتواجد فيه رجال ونساء غيري، ولم يكن وقوفي فيه شاذا،وقلت له: الآن وقوفي هنا ممنوع، وهو الذي لم أضطر إليه إلا لوجود مريض يتلوى من السمّ بالداخل، وهؤلاء الأطباء والممرضات الذين يتبادلون الضحكات والأحاديث بالداخل وقوفهم عادي، وهم يهملون الحالات الإسعافية ويتركونها نصف ساعة دون أي إجراء!!
فقال لي مرة أخرى: ممنوع لو سمحتي!!
إذ ذاك وقفت في مكاني كالصنم، وضربت بكلامه عرض الحائط، وقلت له: قبل أن أراهم بعيني يتحركون لإسعافه لن أتحرك من هنا، وأفعل ما شئت..
تركني ممتعضا، وذهب للناحية الأخرى، فيما أراقب ما يحصل بالداخل، وعيني على أخي الذي أصبح مرتخيا تماما بالداخل، وبدأ يفقد الوعي!!!
عندها، أندفعت إلى الداخل بغضب من جديد، وذهبت لذلك الطبيب، وقلت له: دكتور لو سمحت، أخي يفقد الوعي، معقول ليس من إجراء آخر يمكن فعله إلا وضع المغذي!!
قال لي: ننتظر نتيجة التحليل..، فقلت له: أقول لك سمّا، تقول ننتظر نتيجة التحليل، أقول لك مضى على تواجدي هنا ساعة إلا ربع، فلا تحرك ساكنا!! ما رأيك بعد أن أخذ يفقد وعيه الآن أن ننتظره يموت حتى تتأكد من كونها حالة إسعافية!!
فمط شفتيه ، وقام ليفحص أخي، ثم صرخ بالممرضات لتحضر له على وجه السرعة مصلا مضادا للسموم، وتحقنه في وريد أخي..
خرجت بعدها من الغرفة، وتوجهت لغرفة الإستراحة التي تبعد مسافة عنها حتى أنني تعبت في البحث حتى وجدتها، وأسلمت لله أمري..
تأخر ظهور نتيجة التحليل "العاجل" ساعة ونصف، كنت فيها أذرع أرض الإستراحة جيئة وذهابا، وبعد كل نصف ساعة أذهب لأنظر إلى أخي من وراء زجاج الباب، لأجده غائبا عن الوعي تماما، لكن الحمد لله فقد تمّ تغيير علبة المغذي له بواحدة جديدة!!
بعد فترة دخلت من جديد غرفة الطواريء، وتوجهت للطبيب مرة أخرى اسأله عن نتيجة التحليل، فقال: لم تظهر حتى الآن، لكن الحمد لله، المصل المضاد للسمّ بدأ مفعوله، وتحسنت ضربات القلب وبدأت تعود لمعدلها الطبيعي، وسيستعيد وعيه بعد قليل...
فتركته وعدت من جديد للإستراحة، وأنا أحمد الله على اللطف في قضائه، وأنتظرت نصف ساعة أخرى قبل أن أعود إليه، لأجد نتيجة التحليل قد ظهرت أخيرا، وأخي يفتح عينيه بتثاقل وإنهاك شديد..
قال الطبيب: الحمد لله، كان المصل الذي أخذه للحساسية قد أحبط مفعول مضاد السميه الذي أخذه في المرة الأولى لذا سرى السمّ من جديد في جسده ، هو الآن في حال أفضل، فلقد بدأ السم بالتراجع إلى القدمين، بعد أن وصل إلى الخاصره، ولو تأخرتم قليلا لمات الرجل!!!!
بهكذا بساطة وقمة الإستهانة بالأرواح يقرر هذا الطبيب أن الوقت كان عاملا حاسما في القضية، وهو الذي تركه ينتظر قرابة الساعة قبل أن يقوم بإسعافه!!
نظرت إلى أخي فوجدته بدأ يستعيد قوته شيئا قليلا، فتركت الطبيب يفرح بإنجازه دون أن ألتفت إليه، وذهبت لأخي لأطمئن عليه، فوجدت شفتاه يابستين، وهو يشكو العطش، فسألت الطبيب: عن إمكانية سقيه الماء، فقال لي: عادي هذا من السمّ، أنتظري قليلا، الآن نكتب له خروج، فأذهبوا به إلى المنزل، وأسقوه هناك!!
ذهبت لأنهي إجراءات الخروج، وأتيت للطبيب مرة أخرى لأخذ منه وصفة الدواء، واسأله عن التعليمات الواجب إتباعها والمحاذير، وكنت كمن يجرّ الكلمات منه جرّا، فشرح لي ما يتوجب فعله ، وصرفت الدواء، ثم أتيت من جديد لأخي بالكرسي المتحرك، وساعدته في الجلوس عليه، ودفعته لأخرج به من هذا المكان، يتملكني شعور الغضب من حال قسم الطواريء في بلادنا من جهة، وألهج بالحمد لله جلّ وعلا أن تلطف بنا في قضاءه من جهة أخرى في الوقت الذي كان آذان الظهر يصدح في الأجواء والساعة تشير إلى الواحدة ظهرا ..
في المنزل كان يتوجب عليّ توفير فراش لأخي يسمح بإرتفاع جسمه عن مستوى قدميه، وتغيير الضماد له، وتجهيز طعام له ليتقوى به مما أصابه من ضعف..
ذهبت بعدها لأصلي الفريضة ، بينما أستسلم أخي لنوم عميق من شدة الألم..
أتممت صلاتي وجلست على سجادتي أستعيد شريط الآحداث في ذهني..
تذكرت حالي وأنا وحيدة مع أخي أحاول إنقاذه، و حديثي مع الطبيب، وما تعرضت له من تجربة قاسية، فلا تظنوه سهلا أن أحارب وحدي وسط هذا المجتمع الذكوري البغيض ، لكنني كذلك لن أقف مستسلمة في مثل هذا الموقف مادمت ملتزمة بحجابي وتعاملي في حدود الشرع، فلم أتجاوز، ولم أرفع صوتي لحد غير مقبول بل كنت صارمة في مطالبي لا أكثر..
أطرقت رأسي بألم حينها..
تسآءلت في نفسي، يا الله..سمّ عقرب صغيرة، جعل أخي الصبور حقيقة لا يقوى على الأحتمال، ويتلوى من الألم، وكاد أن يموت منه..
فكيف بمولانا الحسن المجتبى الذي سُقي سمّا زعافا شديدا، أخذ من شدة حرارته يقذف كبده مقطعة من فمه!!
و تواجدي بين رجال في قسم الإسعاف، وإضطراري لتعاملي معهم، وأنا بكامل حجابي، آمنة من أقل تعدٍ منهم علي، تسبب لي في هذا الألم العميق، والغضب الشديد من مجتمع مريض ينظر إلى المرأة كعيب وعورة مطلقة وإن كانت تصلي بين الركن والمقام!!
فكيف بحالها فخر المخدرات..أم المصائب زينب عليها السلام، وهي تسلب وتسبى من بلد إلى بلد، وتدخل مجلس اعدائها، وتشتم وتضرب بالسوط حتى تقطع متنها وسالت دمائها!!
قلت في خاطري حينها : حقا من سمع ليس كمن رأى..وطأطأت رأسي مستسلمة لحريق الدمع أسىً على آل الرسول..


اللهُمَّ الْعَنْ أوّلَ ظالِم ظَلَمَ حَقَّ مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد ، وَآخِرَ تَابِع لَهُ عَلَى ذلِكَ ، اللهُمَّ الْعَنِ العِصابَةَ الَّتِي جاهَدَتِ الْحُسَيْنَ عَلَيْهِ السَّلأم وَشايَعَتْ وَبايَعَتْ وَتابَعَتْ عَلَى قَتْلِهِ، اللهُمَّ الْعَنْهم جَميعاً) 


ما رأيكم فيما فعلت أيها الكرام؟

وترى لو كنتم مكانها - لا سمح الله - ماذا تفعلون ؟

دعائكم
_______________________________________

بعد نشر التدوينة تنبهت لكونها أفتتاحية التدوينات لهذا العام الجديد!!

(اللّهُمَّ اجْعَلْني مَعَ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ في كُلِّ عافيةٍ وَبَلاء، وَاجْعَلْني مَعَ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ في كُلِّ مَثْوىً وَمُنْقَلَبٍ. اللّهُمَّ اجْعَلْ مَحْياي مَحْياُهْم وَمَماتي مَماتَهُمْ، وَاجعَلْني مَعَهُمْ في المَواطِنِ كُلِّها وَلا تُفَرِّقْ بَيْني وَبَيْنَهُمْ إنَّكَ عَلى كُلِّ شَيٍ قَديرٌ)

السبت، 31 ديسمبر 2011

في رزء الحسن الزكي المظلوم..


عظم الله أجوركم بمصابنا بإمامنا الحسن الزكي المجتبى المظلوم عليه السلام..
لله أي حزن يحرق قلبك سيدي ياحجة الله في هذه الليلة..
عمٌ مسموم..
وحريمٌ مسبية..
وجدٌّ مذبوحٌ من القفا!!
آه لوجدك سيدي..
( اللهمّ عجلّ فرج إمام زماننا )

الأحد، 18 ديسمبر 2011

سجدةٌ ..في محراب العشق


 وجدت هذه التدوينة سفينة..تحركها أمواج دموعي المتوسلة لسيد الشهداء عليه السلام أن يتقبلني على سَوْءِي وعجزي وجهالتي، لذا أستميحكم العذر إذ وجدتموها ضعيفة فقيرة الأبجديات..
_______________________________________




سجدةٌ في محراب العشق..هو العنوان الذي انتخبته لموضوعٍ كنت وفقت لتحريره في شبكة جهود الثقافية قبل أن أطلّق عالم المنتديات ثلاثا لا رجعة لي فيها بإذن الله..
كنت ولا أزال حقاً أرى لذلك الموضوع موقعا أثيرًا في نفسي، ولا أدّعي أنني قد أبتدعت فيه شيئا جديدا..إنما هو نقولات لعباراتٍ أو أبياتٍ أو مقاطع من أدعية لها وقعٌ خاص في قلبي وذكريات خاصةٍ في نفسي، ربما من ذلك كان ولا يزال يعني لي شيئا خاصا..
ثم بعد أن هجرته..تبنى رعاية 
غرسه وريّه الأستاذ الفاضل المؤمن الواعظُ بمعرفهِ ( لا تلثم رأساً تجهل فكره) أدام الله توفيقاته، وتفضل هذا الكريم مؤخرًا بسجدةٍ في محراب العشق ذاك..قال فيها : ( لقد كانت لمولانا الحسين عليه السلام سجدة في أرض الطف تحمل أسمى معاني التفاني وتسربلت بأكمل صورة للخشوع كيف لا وقد بدأها بدماء نزفت من ذياك الجبين المعفر في محراب العشق الإلهي ثم كان لقطعة قلبه تسبيحة ثم عانق نحره التراب لثلاث في حر الهجير بعد أن هللت وسبحت أعضائه المقدسة تحت حوافر الأعوجية على راكبيها ملايين اللعنات 
فسلام عليك يامولاي أيها المعفر في .................... )
تأملت مليا في هذه العبارة التي تنوء بحمل ثقل معناها السطور..وأصطخب في نفسي على إثرها عباب معانٍ أَسِفتُ على ذهولي عنها أمدًا طويلا!
تفجرّ الدم من جبهة الحسين التي ما أنحنت إلا بصرخة العزّ في محراب عشق العبودية لله الواحد القهار ..
ثم أهوى السهم على قلبه يريد إنتزاع ذلك الحبّ..فخاب مسعاه إذ وجد الحبّ والقلب شيئا واحدا لا يفترقان فمزقهما إنتقاماً معاً..
وأستشاط غضبا من تسابيح العشق المقدس المغرقة في الطهر ..فأنثنى خنجرا يفري نحر ذلك الواله الذي لم يفتأ يرتّلها!!
فشل السهم تماما في إسكات تراتيل العشق تلك..فكل ذرة من جسد ذلك العاشق سارعت تعفّر نفسها ساجدة في قدس ذلك المحراب..فأنبرى لها السهم مرضضاً بحوافر خيله يتمنى أن يسكن ضجيج صلواتها التي عمّت الآفاق..



تركت الخلق طُرّاً في هواكا.... وأيتمت العيال لكي أراكا
فـلو قطعتني في الحبّ إربـا.... لما مال الفؤاد إلى سواكا



ذلك السهم كان ( فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ )

وعشق الحسين كان ( قا
لَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ، إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ)

لذا يبقى لذكر الحسين عليه السلام حرارة لا تخمد أبدا....
وتبقى السجدة في محراب حبّ الحسين..سفرٌ في جنان خلد العبودية لله..وملكها الذي لا يبلى..
ويبقى حريق الدمع على رزء الحسين..ضياء بصيرةٍ في حالك الظلمات..تَعذُبُ حرارته حتى لصاحب هذه العين التي لم يقطع فقئها..تدفق ذلك السلسبيل!


لله أي معنى من معانيك سيد الشهداء تفسره الكلمات؟
أيقنت يا سيدي أنني ما لم أقفُ آثارك..
لن أتقن يوماً سجدةً عاشقةً في محراب صلاة 
دعائكم..علّني  يوما أعيّ
______________________________


جزيل الشكر لإستاذي الفاضل لا تلثم رأسا تجهل فكره..الذي أوقد جذوةً بين جنبيّ  من فيض ذلك النور الذي سكبه في جنبات ذياك المحراب