زوار مدونتي الكرام..
* تمّ إغلاق المدونة، وإيقاف إمكانية التعليق على التدوينات..

** كذلك أحببت التنويه إلى إمكانية التحكم في المقطع الصوتي وإيقافه إن أحببتم عن طريق الآيقونة في آخر الصفحة..
وفقيرة أبقى لدعائكم

السبت، 31 ديسمبر 2011

في رزء الحسن الزكي المظلوم..


عظم الله أجوركم بمصابنا بإمامنا الحسن الزكي المجتبى المظلوم عليه السلام..
لله أي حزن يحرق قلبك سيدي ياحجة الله في هذه الليلة..
عمٌ مسموم..
وحريمٌ مسبية..
وجدٌّ مذبوحٌ من القفا!!
آه لوجدك سيدي..
( اللهمّ عجلّ فرج إمام زماننا )

الأحد، 18 ديسمبر 2011

سجدةٌ ..في محراب العشق


 وجدت هذه التدوينة سفينة..تحركها أمواج دموعي المتوسلة لسيد الشهداء عليه السلام أن يتقبلني على سَوْءِي وعجزي وجهالتي، لذا أستميحكم العذر إذ وجدتموها ضعيفة فقيرة الأبجديات..
_______________________________________




سجدةٌ في محراب العشق..هو العنوان الذي انتخبته لموضوعٍ كنت وفقت لتحريره في شبكة جهود الثقافية قبل أن أطلّق عالم المنتديات ثلاثا لا رجعة لي فيها بإذن الله..
كنت ولا أزال حقاً أرى لذلك الموضوع موقعا أثيرًا في نفسي، ولا أدّعي أنني قد أبتدعت فيه شيئا جديدا..إنما هو نقولات لعباراتٍ أو أبياتٍ أو مقاطع من أدعية لها وقعٌ خاص في قلبي وذكريات خاصةٍ في نفسي، ربما من ذلك كان ولا يزال يعني لي شيئا خاصا..
ثم بعد أن هجرته..تبنى رعاية 
غرسه وريّه الأستاذ الفاضل المؤمن الواعظُ بمعرفهِ ( لا تلثم رأساً تجهل فكره) أدام الله توفيقاته، وتفضل هذا الكريم مؤخرًا بسجدةٍ في محراب العشق ذاك..قال فيها : ( لقد كانت لمولانا الحسين عليه السلام سجدة في أرض الطف تحمل أسمى معاني التفاني وتسربلت بأكمل صورة للخشوع كيف لا وقد بدأها بدماء نزفت من ذياك الجبين المعفر في محراب العشق الإلهي ثم كان لقطعة قلبه تسبيحة ثم عانق نحره التراب لثلاث في حر الهجير بعد أن هللت وسبحت أعضائه المقدسة تحت حوافر الأعوجية على راكبيها ملايين اللعنات 
فسلام عليك يامولاي أيها المعفر في .................... )
تأملت مليا في هذه العبارة التي تنوء بحمل ثقل معناها السطور..وأصطخب في نفسي على إثرها عباب معانٍ أَسِفتُ على ذهولي عنها أمدًا طويلا!
تفجرّ الدم من جبهة الحسين التي ما أنحنت إلا بصرخة العزّ في محراب عشق العبودية لله الواحد القهار ..
ثم أهوى السهم على قلبه يريد إنتزاع ذلك الحبّ..فخاب مسعاه إذ وجد الحبّ والقلب شيئا واحدا لا يفترقان فمزقهما إنتقاماً معاً..
وأستشاط غضبا من تسابيح العشق المقدس المغرقة في الطهر ..فأنثنى خنجرا يفري نحر ذلك الواله الذي لم يفتأ يرتّلها!!
فشل السهم تماما في إسكات تراتيل العشق تلك..فكل ذرة من جسد ذلك العاشق سارعت تعفّر نفسها ساجدة في قدس ذلك المحراب..فأنبرى لها السهم مرضضاً بحوافر خيله يتمنى أن يسكن ضجيج صلواتها التي عمّت الآفاق..



تركت الخلق طُرّاً في هواكا.... وأيتمت العيال لكي أراكا
فـلو قطعتني في الحبّ إربـا.... لما مال الفؤاد إلى سواكا



ذلك السهم كان ( فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ )

وعشق الحسين كان ( قا
لَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ، إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ)

لذا يبقى لذكر الحسين عليه السلام حرارة لا تخمد أبدا....
وتبقى السجدة في محراب حبّ الحسين..سفرٌ في جنان خلد العبودية لله..وملكها الذي لا يبلى..
ويبقى حريق الدمع على رزء الحسين..ضياء بصيرةٍ في حالك الظلمات..تَعذُبُ حرارته حتى لصاحب هذه العين التي لم يقطع فقئها..تدفق ذلك السلسبيل!


لله أي معنى من معانيك سيد الشهداء تفسره الكلمات؟
أيقنت يا سيدي أنني ما لم أقفُ آثارك..
لن أتقن يوماً سجدةً عاشقةً في محراب صلاة 
دعائكم..علّني  يوما أعيّ
______________________________


جزيل الشكر لإستاذي الفاضل لا تلثم رأسا تجهل فكره..الذي أوقد جذوةً بين جنبيّ  من فيض ذلك النور الذي سكبه في جنبات ذياك المحراب

الثلاثاء، 6 ديسمبر 2011

ما تركتك يا حســــين..


سيدي يا ابن الحسين..
عندما أبصرتك بين الحشود..تفجّر الدمع من العين سخينا وهي التي كانت تمور في بحره..
تذكرت جدك الحسين عليه السلام..وأخته زينب الحوراء..
بنفسي كيف حالها ترى قرّة عينها يمضي إلى مصرعه..
ثم يقطع إربا إربا..
وكل ذرة منه تنتفض صارخة : "
هيهات منّا الذلة"

( من أراد عزّاً بلا عشيرة، وهيبةً بلا سلطان، فليخرج من ذل معصية الله عز وجلّ إلى عزّ طاعته)
لبيــك ياحــسين

______________________________________

تنويه: الأخوة الكرام الذين لديهم بريد الجي ميل أو قناة على اليوتيوب فضلا لا أمراً أرجو منكم دعم هذا الفيديو على قناتي في اليوتيوب بضغط زر الإعجاب لئلا يزال بسبب النواصب، والأمر لن يكلفكم إلا تسجيل الدخول بمعرف الجي ميل ثم ضغط زر الإعجاب..ولكم جزيل الشكر..
رابط الفيديو على اليوتيوب : (
http://www.youtube.com/watch?v=E1Q4clrsjmI ) 

الأحد، 4 ديسمبر 2011

في محضر سيد الشهداء..


ظننت الحروف ستأتي طوعا تبكي سيد الشهداء..
فألفيت الرزء أثقلها..والحزن أورثها العمى!!
.
.
.
عظم الله أجوركم بسيد الشهداء الحسين بن علي المظلوم عليه السلام..
فقيرة أطرق بابكم بإلحاح الدعاء

الاثنين، 14 نوفمبر 2011

ولاية علي فخري..



بآل محمد عُرِفَ الصواب.... وفي أبياتهم نزل الكتاب

وهم حُجج الإله على البرايا .... بهم وبجدهم لا يُسْتَراب
ولا سيمــا أبــو حـسـنٍ عـلـي .... له في الحرب مرتبةٌ تُهاب
عليُّ الدرّ والذهب المصفى .... وباقي الناس كلهم تراب
هـو البكّـاء في المحراب ليـــلا .... هو الضّحاك إذا أشتدّ الضراب
هو النبأ العظيم وفُلكُ نوحٍ .... وباب الله وأنقطعَ الخطـاب



السلام على محبي أمير المؤمنين علي..

( آخَيْتُكَم فِى اللهِ، وَصافَيْتُكَم فِى اللهِ، وَصافَحْتُكَم فِى اللهِ، وَعاهَدْتُ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ وَكُتُبَهُ وَرُسُلَهُ وَاَنْبِيآءَهُ وَالاْئِمَّةَ الْمَعْصُومينَ -عَلَيْهِمُ السَّلامُ- عَلى اَنّي اِنْ كُنْتُ مِنْ اَهْلِ الْجَنَّةِ وَالشَّفاعَةِ وَاُذِنَ لي بِاَنْ اَدْخُلَ الْجَنَّةَ لاأدخلها إلا وأنتم معي) 



متباركين بهذا اليوم المقدس ( عيد الغدير) يوم أخذ النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم البيعة بأمرة المسلمين  لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام عند غدير خمّ كما جاء في الخبر المتواتر، وذكره أحمد بن حنبل قال: حدثنا عفان، قال: حدثنا أبو عوانة، عن المغيرة، قال: حدثنا أبو عبيدة، عن ميمون أبي عبد الله قال: قال زيد بن أرقم وأنا أسمع: نزلنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) بواد يقال له: واد خم فأمر بالصلاة فصلاها قال: فخطبنا وظلل لرسول الله بثوب على شجرة من الشمس فقال: " ألستم تعلمون؟ - أو لستم تشهدون - أني أولى بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا: بلى! قال: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم عاد من عاداه، ووال من والاه " مسند أحمد بن حنبل: 4 / 372، البداية والنهاية: 7: 349. وللحديث مصادر كثيرة في الغدير ج: 29 - 37

 اَلْحَمْدُ للهِ الَّذى اَكْرَمَنا بِهذَا الْيَوْمِ وَجَعَلَنا مِنَ الْمُوفينَ، بِعَهْدِهِ اِلَيْنا وَميثاقِهِ الّذى واثَقَنا بِهِ مِنْ وِلايَةِ وُلاةِ اَمْرِهِ وَالْقَوّامِ بِقِسْطِهِ، وَلَمْ يَجْعَلْنا مِنَ الْجاحِدينَ وَالْمُكَذِّبينَ بِيَوْمِ الدِّينَ .

ويشرفني في هذه المناسبة أن أهديكم هذا الفيديو وهو محاولة متواضعة لمنتجة الملف الصوتي لشاعر الحسين الأستاذ غازي حداد البحراني في قصيدة الرائعة
قمري أنت أم أنت القمر.... قم تكلم فبك أحتارالنظر *..

أتمنى لكم إستماعا طيبا..
وفقيرة أبقى لدعائكم
____________________________

رابط الفيديو على  قناتي في اليوتيوب ( http://www.youtube.com/watch?v=OCLiMDzpYco )

الخميس، 10 نوفمبر 2011

رحلة نحو التيّه!



على أبواب هذه التدوينة..عجّت الأفكار في رأسي..فحرمتني لذة الصمت..وسلبتني القدرة على الكلام..ورمتني في عوالم تيّهٍ شاسعة..لذا سأترك القلب يسكب مداده كيف شاء في محبرتي..علّ سواده يرسم شيئا في هذا البياض..ليأخذكم في رحلة تيّهٍ تحتاج مزاجا رائقا للإنطلاق في فضاءاتها..
_______________


هل تعرفون ماهذه الصورة أعلاه؟

تأملوها قليلاً..
.
.
إنها لقطاع عرضي في نسيج مخيخ فأر مصورٌ بالمجهر الإلكتروني الذي له قدرة تكبير تصل إلى 600,000 مرة!
.
.

وهل تعلمون معنى قطاع؟
أنه يعني أن نأخذ قطعة صغيرة جدا من الجزء المراد فحصه..قد لا تتعدى أبعاده السنتيمتر الواحد..بل أن هذا يعدّ ضخما جدا..وأن نجري عليه معاملات خاصة..بإستخدام مواد كيميائية معينة ومحددة التركيز، حتى نحفظ خلاياه على هيئتها قدر الإمكان حال حياتها، ثم نصبغها بصبغات معينة، تسهل علينا الفحص وفق تشرب كل جزء من النسيج بها، وقد نستعمل أكثر من نوع من الصبغات وفق مكونات النسيج ومدى تفاعلها مع مكونات الصبغة..لذا لابد أن يكون القطاع صغيرا لنضمن أقصى كفاءة في عملية التشرب والتفاعل..ولا تتوقف العملية عند هذا الحدّ..بل نحتاج بعد كل عمليات التجهيز الدقيقة تلك إلى قص تلك القطعة الصغيرة إلى أجزاء أصغر تقاس بالميكرون..حتى نتمكن من فحصها!
وطبعا وكل هذا الشرح المتقدم مختص بالفحص بالمجهر الضوئي العادي..أما الإلكتروني فالأمر له آلية أخرى!!
.
.

فهل تعلمون مالميكرون؟
أمسكوا إذن بمسطرة صغيرة وأنظروا إلى الخطوط الصغيرة التي تقسم المسافة بين السنتميتر الواحد..أو ما يسمى بالمليمتر..وقسموا تلك المساحة الصغيرة إلى ألف جزء وتخيلوا بعدها مقدار سماكة ذلك النسيج..الذي ستضعونه تحت المجهر..لتروا تحته هذا العالم الغريب من ملايين الخلايا المنتظمة في نسق عجيب لم ينحرف قط ..وإلا لخرج الكائن مشوها!
.
.

وهل تعلمون أن في الخلية الواحدة عوالم أخرى أكبر من هذا الذي حواه الميكرون من هذا النسيج المفحوص..رغم أن الخلية بالنسبة للنسيج ، كحبة الرمل بالنسبة لصحراء شاسعة تغطي نصف الكرة الأرضية؟

ثم هل تعلمون أنه في العضو الواحد من جسم الكائن الحي..أنواع مختلفة من هذا الأنسجة يظهر كل منها بشكل مختلف تحت المجهر؟!!

فكيف لو علمنا أن لكل نوع وجنس من الكائنات الحية تشكلات نسيجية تختلف عن الآخر، ومنها كان إختلاف الكائنات؟؟!!

هل ألتفتم إلى الكمّ الهائل أذن من الخلايا الذي تضمه أجسادنا..وأجساد الكائنات؟

فما رأيكم لو نعود معا إلى الصورة لنحاول عدّ ما فيها من خلايا وأحصاء أنواعها المختلفة في النسيج الواحد..أترانا نستطيع لذلك سبيلا؟
فكيف بخالق تلك الكائنات الذي أحصاها وعدّها عدّاً..ثم تولاها بعنايته وحفظه وتكفل لها بمسببات الحياة من غذاء وهواء يصل لأصغر جزء منها على مدار لحظات العمر المقدر لها..بل وهي تغفو وتنام..ورازقها لا يغفو ولا ينام!
وكيف لو علمنا أن هذا الكلام المعقد أعلاه منحصر فقط بالكائنات الحية على أختلافها ..وهي تشكل مقدار الذرة في هذا الكون الذي يضم كذلك التراب والهواء والكواكب والمجرات!!!

هل تاه فكركم مثلي..وأنقلب الخيال خاسئا وهو حسير؟؟!!
.
.

إذن هل تذكرون حالنا هذا:

 اَنَا يا رَبِّ الَّذي لَمْ اَسْتَحْيِكَ فِى الْخَلاءِ ، وَ لَمْ اُراقِبْكَ فِى الْمَلاءِ ، اَنَا صاحِبُ الدَّواهِي الْعُظْمى ، اَنَا الَّذي عَلى سَيِّدِهِ اجْتَرى ، اَنَا الَّذي عَصَيْتُ جَبّارَ السَّماءِ ، اَنَا الَّذي اَعْطَيْتُ عَلى مَعاصِى الْجَليلِ الرُّشا ، اَنَا الَّذي حينَ بُشِّرْتُ بِها خَرَجْتُ اِلَيْها اَسْعى ، اَنَا الَّذي اَمْهَلْتَني فَما ارْعَوَيْتُ ، وَ سَتَرْتَ عَلَيَّ فَمَا اسْتَحْيَيْتُ ، وَ عَمِلْتُ بِالْمَعاصي فَتَعَدَّيْتُ ، وَ اَسْقَطْتَني مِنْ عَيْنِكَ فَما بالَيْتُ ، فَبِحِلْمِكَ اَمْهَلْتَني وَ بِسِتْرِكَ سَتَرْتَني حَتّى كَاَنَّكَ اَغْفَلْتَني ، وَ مِنْ عُقُوباتِ الْمَعاصي جَنَّبْتَني حَتّى كَاَنَّكَ اسْتَحْيَيْتَني )


ترى..هل لازال في العمر بقية؟؟!



________________________

(الناس نيام فإذا ماتوا إنتبهوا) أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام..

الجمعة، 28 أكتوبر 2011

متاهات وعي!


يعتبر الوعي أحد أبرز التحديات التي تواجهنا في عالم الثورة المعلوماتية الذي نشق عباب العيش فيه ،فهو وحده الذي يتيح لنا فرز غث هذه المعلومات من سمينها، وصحيحها من سقيمها..
فنحن في حياتنا اليومية وتواصلنا مع وسائل الاتصال نتعرض للإغراق المعلوماتي الذي لو لم ندقق في مفرداته لأصبحنا فريسة سهلة للاستغفال والخداع الذي يعجّ به مجتمعنا المعاصر الذي دأب على قلب الحقائق وتزوير حتى أوضح الواضحات بطرق شديدة الدهاء خدمة لأهداف أعداء الحق وعبيد الدنيا الذين لا يألون جهدهم في حرف الناس عن الجادة، والرمي بهم في بئر الضلال السحيق..
كنت أتجول في موقع ويكيبديا عندما لفتني تعريف الوعي المنشور هناك إذ يقول: "لا وعي دون علم فكلما ازداد المرء علماً وفهماً ازداد وعياً.
والوعي كلمة تعبر عن حالة عقلية يكون فيها العقل بحالة إدراك وعلى تواصل مباشر مع محيطه الخارجي عن طريق منافذ الوعي التي تتمثل عادة بحواس الإنسان الخمس. كما يمثل الوعي عند العديد من علماء علم النفس الحالة العقلية التي يتميز بها الإنسان بملكات المحاكمة المنطقية، الذاتية (الإحساس بالذات) (subjectivity)، والإدراك الذاتي (self-awareness)، والحالة الشعورية (sentience) والحكمة أو العقلانية (sentience) والقدرة على الإدراك الحسي(perception)  للعلاقة بين الكيان الشخصي والمحيط الطبيعي له.
والوعي بأمر ما يتضمن معرفته والعمل بهذه المعرفة"
لفتني جدا هذا التعريف..خصوصا في إشارته إلى منافذ الوعي ( الحواس الخمسة) وبتأكيده على ضرورة العمل بالمعرفة كنتيجة حتمية لامتلاك حالة من الوعي يكون ناتجها بكل تأكيد نوع مختلف من السلوك تجاه أمر ما..
فلو تأملنا قليلا لوجدنا أنفسنا في حالة نماء في الوعي بشكل مستمر ، فنحن نتلقى في الساعة الواحدة مئات الرسائل الصوتية والمرئية ، والمتذوقة كذلك؛ والتي تسهم في وعينا بها بحيث أن حالنا قبلها بالتأكيد مختلف عن حالنا بعدها؟
لو تأملنا قليلا في هذا المعنى..لرأينا هدرا عظيما نمارسه لهذه النعمة الإلهية الكبيرة إما بإهمالها، أو باستخدامها بطرق خاطئة تجعل من عملية الوعي مشوهة ، وبالتالي ينتج عنها مدركات وأحكام خاطئة..
ونستطيع في التدليل عليها أن نتأمل أحوال كثير من العلماء الملحدين مثلا، الذين رغم امتلاكهم الوعي إلا أنهم باستسلامهم للمفاهيم الخاطئة،شوهوا صورة ذلك الوعي تماما، فهم يناقشون ويحاضرون عن أصغر أجزاء الذرة، ويفشلون تماما في إستيعاب أنه لا بد لهذا الخلق العظيم من خالق أعظم..
يقول إمامنا أمير المؤمنين عليه السلام : (من عمل بما علم، أورثه الله علم ما لم يعمل)
هذه الرواية عجيبة في دقتها، فدائما ما يؤدي ممارسة الحقائق، إلى قطف ثمارها ، وبالتالي يتسع أفق الإنسان لتلقي مزيدٍ من المعرفة التي تزوده بالكثير من الوعي..
لكن يضل حجر الزاوية في ذلك تحرير العقل من موجبات فساد الرأي وإعتلال الإدراك، وهذا ما يقع على عاتق الفرد نفسه، لكنه ليس بالأمر الصعب تماما كما أنه ليس بالسهل..فوسيلتنا إليه رغبة صادقة تدفعنا للبحث، وتفكير وتأمل يورق في العقل التساؤلات، وتجرد من أي حكم مسبق عند التعرض للحقائق..
ممتعة جدا عملية إكتساب الوعي، وتشبه تماما دهاليز متاهة نسير فيها بحثا عن باب النجاة، ولكن باب النجاة في هذه الحالة لا يستنقذنا فقط من وحشة الوحدة في ممرات لعبة ، بل يستنقذ أرواحنا من ظلامات الجهل، ومصائرنا من سوء العاقبة..
غرقت في تفكيري هذا حتى أذناي ودوى في عقلي سؤال أرقني كثرة التفكر فيه عن مسببات تشوه عملية الوعي ومعيقاتها رغم أنني جميعا نمتلك العقل وما زوده الله جلّ ذكره به من إمكانات هائلة؟
ولم يخرجني من دوامة التفكير تلك إلا صوت مهدي سماواتي الصادح بدعاء أبو حمزة الثمالي : ( اللّهُمَّ اِنّي كُلَّما قُلْتُ قَدْ تَهَيَّأتُ وَ تَعَبَّأتُ وَ قُمْتُ لِلصَّلاةِ بَيْنَ يَدَيْكَ وَ ناجَيْتُكَ اَلْقَيْتَ عَلَيَّ نُعاساً اِذا اَنَا صَلَّيْتُ ، وَ سَلَبْتَني مُناجاتِكَ اِذا اَنَا ناجَيْتُ ، مالي كُلَّما قُلْتُ قَدْ صَلَحَتْ سَريرَتي ، وَ قَرُبَ مِنْ مَجالِسِ التَّوّابينَ مَجْلِسي ، عَرَضَتْ لي بَلِيَّةٌ اَزالَتْ قَدَمي ، وَ حالَتْ بَيْني وَ بَيْنَ خِدْمَتِكَ سَيِّدي لَعَلَّكَ عَنْ بابِكَ طَرَدْتَني ، وَ عَنْ خِدْمَتِكَ نَحَّيْتَني اَوْ لَعَلَّكَ رَاَيْتَني مُسْتَخِفّاً بِحَقِّكَ فَاَقْصَيْتَني ، اَوْ لَعَلَّكَ رَاَيْتَني مُعْرِضاً عَنْكَ فَقَلَيْتَني ، اَوْ لَعَلَّكَ وَجَدْتَني في مَقامِ الْكاذِبينَ فَرَفَضْتَني ، اَوْ لَعَلَّكَ رَاَيْتَني غَيْرَ شاكِر لِنَعْمائِكَ فَحَرَمْتَني ، اَوْ لَعَلَّكَ فَقَدْتَني مِنْ مَجالِسِ الْعُلَماءِ فَخَذَلْتَني ، اَوْ لَعَلَّكَ رَاَيْتَني فِى الْغافِلينَ فَمِنْ رَحْمَتِكَ آيَسْتَني ، اَوْ لَعَلَّكَ رَاَيْتَني آلِفَ مَجالِسِ الْبَطّالينَ فَبَيْني وَ بَيْنَهُمْ خَلَّيْتَني ، اَوْ لَعَلَّكَ لَمْ تُحِبَّ اَنْ تَسْمَعَ دُعائي فَباعَدْتَني ، اَوْ لَعَلَّكَ بِجُرْمي وَ جَريرَتي كافَيْتَني ، اَوْ لَعَلَّكَ بِقِلَّةِ حَيائي مِنْكَ جازَيْتَني)
.
.

ومن سجّاد آل محمد ..أخذت الإجابة
فيممت وجهي شطر دروب النفس علّني أستكشف مواضع الداء..

______________________________

إلهي لو لم تَهدني إلى الإسلام ما اهتديتُ، ولو لم تُطلِقُ لساني بدعائك ما دعوت، ولو لم ترزُقني الايمانَ بك ما آمنت، ولو لم تعرفني حلاوة نعمتك ما عرفتُ، ولو لم تُبيّن شديدَ عقابك ما استجرتُ)



الجمعة، 30 سبتمبر 2011

السجين..


جلس صامتا مستسلما على كرسيه المتحرك يلوذ بجانبه الملاصق للجدار هربا من تلصص النظرات التي تحرقه بإنهمارها عليه من جميع الجهات..
يداه كانتا ملتويتان إلى الداخل وكذلك رجلاه اللتان نسيتا خشونة الأرض منذ زمن طويل..
كان الضيق باديا عليه..لكنه لا يملك نطقا ليشتكي حاله ويعترض على طول فترة الإنتظار إلى حين وصول دوره في الدخول على الطبيب..فأطرق رأسه مستسلما..وعيناه تسرق النظر لوجوه الآخرين يبحث فيما بينها عن عينين شغلهما عن تأمله شاغل ما..
مررت بجانبه عدة مرات خلال فترة إنتظاره التي جاوزت الساعات الثلاث ، فمكانه كان يتوسط الممر..وفي كل مرة كنت أتحاشى أن ينتبه إليّ لكن لا مناص..

في المرة الأخيرة التي مررت فيها بجواره كان قد بلغ به الجهد والألم مبلغه فأنتابته نوبات تشنج متكررة، وبقي هكذا لا مسعف له إلا صمته والإنتظار!!..
كان منظره مؤلما جدا..تماما كما كان سيري على قدمي وإستقامة بدني مؤلما بالنسبة إليه..
توقفت على البعد منه أتأمل مرارة هذا السجن الذي يقبع في داخله..
تسآئلت ترى لو قيدت بمثل هذا القيد كيف كان سيكون حالي؟
كيف لو كنت محتجزة في صندوق ضيق لا أملك حتى تحريك أصبعي الصغير!؟
وكنت مكممة الفاه كذلك..لا أستطيع الصراخ طلبا لنجدة تخلصني مما أنا فيه!..

ثم كيف لو كان ذلك الصندوق مرتفع على شاهق ويحيط بي سواد الناس يسلقونني بأنظار شداد!!
أستشعرت خدرا يثقل أطرافي لمجرد تخيل ذلك الموقف، وترددت أنفاسي في ضيق شديد..وسارعت بالإبتعاد قبل أن تداهمني نوبة ربو من فرط هذا اللهاث..
وعجبت حقا من نفسي..إذ عشت كل ذاك الضيق من سجن الخيال؟!


و نسيت كم أحكمت قيد النفس في سجن المعاصي!!


_____________________________________


أللَّهُمَّ إنِّي أَسْتَوْهِبُكَ يَا إلهِي مَا لا يَنْقُصُكَ بَذْلُهُ، وَأَسْتَحْمِلُكَ مَا لا يَبْهَظُكَ حَمْلُهُ، أَسْتَوْهِبُكَ يَا إلهِي نَفْسِيَ الَّتِيْ لَمْ تَخْلُقْهَا لِتَمْتَنِعَ بِهَا مِنْ سُوء، أَوْ لِتَطَرَّقَ بِهَا إلى نَفْع، وَلكِنْ أَنْشَأتَهَا إثْبَاتاً لِقُدْرَتِكَ عَلَى مِثْلِهَا، وَاحْتِجَاجاً بِهَا عَلَى شَكْلِهَا، وَأَسْتَحْمِلُكَ مِنْ ذُنُوبِي مَا قَدْ بَهَظَنِي حَمْلُهُ، وَأَسْتَعِينُ بِكَ عَلَى مَا قَدْ فَدَحَنِي ثِقْلُهُ. فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَهَبْ لِنَفْسِي عَلَى ظُلْمِهَا نَفْسِيْ، وَوَكِّلْ رَحْمَتَكَ بِاحْتِمَالِ إصْرِي، فَكَمْ قَدْ لَحِقَتْ رَحْمَتُكَ بِالْمُسِيئِينَ، وَكَمْ قَدْ شَمِلَ عَفْوُكَ الظَّالِمِينَ. فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَاجْعَلْنِي أُسْوَةَ مَنْ قَدْ أَنْهَضْتَهُ بِتَجَاوُزِكَ عَنْ مَصَارِعِ الْخَاطِئِينَ، وَخَلَّصْتَهُ بِتَوْفِيقِكَ مِنْ وَرَطَاتِ الْمُجْرِمِينَ، فَأَصْبَحَ طَلِيقَ عَفْوِكَ مِنْ إسَارِ سُخْطِكَ، وَعَتِيقَ صُنْعِكَ مِنْ وَثَاقِ عَدْلِكَ

الأربعاء، 7 سبتمبر 2011

المرآءة..



جمد الدم في عروقها وهي تنظر إلى المرآءة!!
كان السواد آخذ بالإنتشار في جلدها بشكل عجيب..فزعت ورمت من يديها تلك المرآءة وهي تردد اللعنات!!..
يا إلهي..ماذا حصل لي؟!!
أسرعت إلى مساحيق التجميل تحاول إخفاء شيءٍ من هذا السواد لكن دون جدوى!!
كان السواد يسابق فرشاتها المملؤة ببودرة التبييض!!
تسآءلت ذاهلة : عجبا ماهذا السواد الذي يغطي جسدي كله، ويسير حثيثا نحو وجهي؟
لابد أن أسارع نحو الطبيب قبل أن يشوه جمالي كلّه، ركضت مسرعة تريد اللحاق بالطبيب قبل فوات الآوان..
بدلت ملابسها ومرت بمرآءتها وهي في طريق الخروج..فزعت لرؤية ذاك السواد وقد غطى نصف وجهها !!..
خرجت باكية صارخة..من هول ما أصابها..
أخذت تركض بأقصى سرعتها وهي تنادي الطبيب كالمجنونة..
أنقذني أيها الطبيب..أنقذني أيها الطبيب
تعثرت أثناء ركضها المتسارع ذاك..وسقطت وشجّ رأسها..
مدت يدها لتتحسس موضع الجرح في جبهتها..وتمسح الدم السخين الذي تفجر منه..هالها أن تجد شعيرات صغيرة بدأت تنمو في ذلك المكان!!
زاد فزعها عندما تحسست وجهها..ووجدته كذلك مملوءًا بتلك النموات!!
قامت تصرخ بكل الفزع الذي سكن حناياه..أيها الطبيب..أنقذني أيها الطبيب..
وصلت إلى العيادة وقد ملأ صراخها المكان..وما أن دخلت حتى رأت الفزع يرتسم على كل الوجوه..
قرأت في عيونهم مقدار التشوه الذي وصلت إليه..
ركضت إلى غرفة الطبيب بلا إستئذان، وأقتحمت غرفة الفحص وجرت نحوه متوسلة : دكتور أنقذني أرجوك..أنقذني..أنظر إلى هذا السواد الذي غزا جسدي وشوه ملامحي..
أجلسها الدكتور وهو يقول: حسنا أهدئي ..أجلسي لأفهم منك..ماهذا؟
أجهشت بالبكاء، وبصعوبة شرحت للطبيب..ماحصل لها هذا الصباح..
نظر إليها الطبيب..ثمّ مدّ يديه يتحسس جلدها المسودّ المُشعر..
كانت تنظر في عينيه تبحث عن بارقة أمل ..
فجأة..قطب الطبيب حاجبيه بأسى..
وقال لها بألم: للأسف..يبدو لقد فات الآوان!!
ثم وجه مرآءتها إليها..
حجظت عيناها وهي ترى وجهها في المرآءة!!
وشقت صرختها سماء الكون...وهي ترى في مرآءتها..
وجه كلب!
_____________________________


طاف بي طائر الخيال..وأنا أتصور هذا الموقف الذي قد يجده البعض محضًا من خيال، كم هو مرعب حقا أن نتصور تشوها يطال شيئا من محاسننا ولا نستطيع له دفعا..
وكم وكم نجهد في تجميل ظواهرنا ونصرف الأموال لعلاج بثرة ظهرت في وجوهنا..بينما نترك دواخلنا ترزح تحت وطأة تشوه عميق، نحاول جاهدين إخفاءه بإستخدام أدوات التزييف المتعددة!!
تذكرت يوما نعيش فيه هذا الموقف بكل صعوبته بشكل حقيقي..
ووجدت في نفسي سؤالاً حائراً:


ترى عندما ينغلق عليّ باب القبر.. على أي صورةٍ سأكون؟


رفعت الأقـــــــــلام ..وطُـــويت الصحف... ( الأربعاء 8/10/1432هـ )
_________________________


لقد تمّ تحرير هذه التدوينة نزولا عند طلب أحد المؤمنين..وأعيد صياغة هدفها ومحتواها..علّها تكون واعظة لي ولكم قبل يوم الرحيل
الفقيرة دوما لدعائكم

الأحد، 28 أغسطس 2011

فَجْرُ القَدْرِ..


بآمان الوليد الناعم في أحضان أمٍ رؤوم ..تهدهده تارة، تمسح على خده بحنان تارة، تضمّه تارة، قضيت سويعات ليلي على لطف أعتابك..
"أناجيك ياموجودا بكل مكان لعلك تسمع دعائي، فلقد عظم جرمي وقلّ حيائي"..أحملها نسمات ذاك السحر المخضل بدموع العاشقين..
لكنني لم أكن أتقن لغة العشق لأرشف من رحيق تلك الدموع..
وجدتك هناك..تغضي عن أعجميتي..ترسم في قلبي بحروفك لغة الحنان : ( ياعبادي الذي أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله)..
بت ليلتي تلك مسهدة أرتل آيات حبكّ الذي لا يفنى ولا يتغير..
أسكرني شرب فيض الكرم..فنسيت ما كان من قديم جرأتي عليك..ومضيتُ أرفع إليك كفّ المسألة بلا إستحياء، وأغترف من سلسبيل حلمك وإمهالك بغير خجل!..
لم تقابلني بما أستحق، ولم تحرمني فضلك بعد إذ عرفتنيه..وتركتني ناعمة بين يدي رحمتك..حتى أنبثق ضوء الفجر معلنا ذاك الرحيل..
وجدتك كما عرفتك مذ أوجدتني..ذو منّ قديم..
ووجدتني كما عرفتني مذ خلقتني في جهلي وعصياني مقيم..
آه يا فجر القدْرِ..ما أقساك إذ باغتني..
فذنبي عظيم!!
_____________________________________

(فَيامَنْ هُوَ عَلى المُقْبِلِينَ عَلَيْهِ مُقْبِلٌ وَبِالعَطْفِ عَلَيْهِمْ عائِدٌ مُفْضِلٌ وَبالغافِلِينَ عَنْ ذِكْرِهِ رَحِيمٌ رَؤُوفٌ وَبِجَذْبِهِمْ إِلى بابِهِ وَدُودٌ عَطُوفٌ ؛ أَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَنِي مِنْ أَوْفَرِهِمْ مِنْكَ حَظَّا وَأَعْلاهُمْ عِنْدَكَ مَنْزِلاً وأَجْزَلِهِمْ مِنْ وِدِّكَ قِسْما وَأَفْضَلِهِمْ فِي مَعْرِفَتِكَ نَصِيبا..)

السبت، 20 أغسطس 2011

مُرّ المذاقات..


في إحدى ليالي اوائل التسعينات..أمسكت طفلة العشر سنوات بيدين راعشتين شريط الكاسيت الحلم، الذي تحصلت عليه بعد أن أعطت العهود والمواثيق، ونسخته من الشريط الأصلي حرصا عليه من أن يطاله أي عطب..
أمسكت به بين يديها بإندهاش وإشتياق، وحنين وخوف وترقب..
كان قلبها يخفق بعنف بين جنبيها..فهي الليلة ملكت ما كان بالنسبة إليها ضربا من المستحيل..
أولجته في جهاز التشغيل بحرص، وتمددت تحت لحافها ساكنة الأطراف لئلا يشعر أحد بها في هذا الليل ويصادر حلم عمرها المنشود..
ألصقت سماعة الجهاز بإذنها وضبطت مستوى الصوت على أخفض درجاته..
ضغطت زر التشغيل ..ليخفق بين ضلوعها نداء الرادود باسم الكربلائي:
علي رمز الشجاعة ومصدر الإيمان..
علي ولوما علي ما أنوجدت الأكوان..
تلك اللحظة لن تنساها ما تطاولت بعمرها السنين..تحدرت دمعاتها بلا إستئذان، إنه اسم عليّ!
يهواك القلب يهواك ياحيدر..
وياليث الأحزاب ويا بطل خيبر..
كانت ترتجف تحت دثارها بنشيجها المكتوم، وهي تسمع اسم أمير المؤمنين عليها السلام يتردد وتحلق روحها إليه مع أبيات العزاء لأول مرة في حياتها..
لم تنم تلك الليلة ، بل أرسلت مناجياتها لأمير المؤمنين عليه السلام دموع عشق علوي ماهدأت حتى طلع الفجر، لئلا يفضح ضوء الصبح أمر ليلتها..
أنعقد حبّ علي عليه السلام في قلبها من قبل التكوين..
علمت أنه ليس لها غير عليّ ملجأ وملاذ..
وثقت أنه ليس غير عليّ لها طريق رشاد..
أيقنت أنه ليس غير عليّ لدنياها وأخراها عِماد..
لكنها تلك الليلة أيضا خبرت مذاق ألمٍ عظيم..
 وعلمت أن لليتمّ نارٌ تحرق قلب اليتيم..
فمن كعليّ؟!
وما اليتمّ إلا فراق عليّ..
.
.
آجركم الله يا يتامى عليّ..

الأحد، 14 أغسطس 2011

سبيل حياة..




عندما يتحدث روح الله..
فيمم وجه قلبك شطر قبلة كلماته التي يوليها..
وحيثما كنتم..
فولوا قلوبكم شطر قبلة هذا العروج المقدس..
وصايا خشيت أن يباغتني الأجل ولمّا أجعلها في رحال العمر ولو إدعاءٍ..
وحسبي..أن لي ربّا يجيزني حتى على كذبي..

( نعم الربّ ربي..بئس العبد أنا )

أنشدكم الله على أعتابها..إنعاش روحي بصدقات دعواتكم
_____________________

عن مولانا الصادق (عليه السلام) : إنّ آخر عبد يُؤمر به إلى النار يلتفت فيقول الله عزّ وجلّ : أعجلوه ، فإذا أُتي به قال له : يا عبدي !.. لمَ التفت ّ؟.. فيقول : يا ربّ !.. ما كان ظني بك هذا ، فيقول الله جلّ جلاله : عبدي ، وما كان ظنك بي ؟!..
فيقول : يا ربّ !.. كان ظني بك أن تغفر لي خطيئتي وتسكنني جنّتك ، فيقول الله : ملائكتي !.. وعزّتي وآلائي وبلائي وارتفاع مكاني ، ما ظنّ بي هذا ساعة من حياته خيراً قطّ ، ولو ظنّ بي ساعة من حياته خيراً ما روّعته بالنار
أجيزوا له كذبه وأدخلوه الجنّة .
ثم قال الصادق (ع) :
ما ظنّ عبدٌ بالله خيراً إلا كان الله عند ظنّه به ، ولا ظنّ به سوءاً إلا كان الله عند ظنّه به ، وذلك قوله عزّ وجلّ : { وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرديكم فأصبحتم من الخاسرين } . ثواب الأعمال ص 167 

الجمعة، 12 أغسطس 2011

إحبـــاط !!


 في مدونته المميزة مِحراب* والتي أتابعها بإستمرار، وأعود لقراءة تدويناته فيها أكثر من مرة، كتب الكريم أعماق ( مهدي توفيق) تدوينة مؤخرا عنونها بعنوان "لا أريد أن أكون حبة رز"..وقال فيها عبارة بصراحة حرمتني النوم عندما قرأتها صباح الخميس، قال مهدي:
نطلقت شرارتها من رفض الحاضر, وامتدت لصناعة المستقبل, حاضر يعيشه الملايين ويسمونة نجاح, نجاح لا أعترف فيه لأني ببساطة عرفته بعد أن ملكته, والمشكلة أمتدت لتكون أزمة فهم مصطلحات, تعرّف الحصول على أولويات الحياة على أنها نجاحات!) 
هذه العبارة كانت لاذعة جدا في نظري، وألجمتني تماما !!
أتذكر قبل ما يقارب السنتين كتبت موضوعا في منتدى الأحساء الثقافي وعنونته بـ ( أزمة طموح*) وكان قد جرى فيه نقاش جميل بيني وبين أستاذي الكريم كنفرتر عن معنى الطموح وماهيته، حيث كنت أصرّ على أن الطموح لابد أن يكون إلهياً وهو رضا الله جلّ تعالى، و أن على الإنسان أن يجعل كل أفعاله التي يقوم بها، وأمنياته التي يريد تحقيقها سلالم توصله إلى هذا الهدف، بينما كانت نظرة أخي الكريم كنفرتر الثاقبة تميل إلى أن رضا الله لا يعني أن لا نجعل لنا أهدافا محدده في هذه الحياة مقصودة لذاتها ، بل أن نحرص على أن نبذل الجهد لنحقق أهدافا دنيوية نؤطرها بإطار الدين..فبالتالي ستكون بلغتنا لنيل المأمول من رضا رب الأكوان جلّ في علاه..
وليتضح الخلاف بين النظرتين أكثر سأقول لكم ان نظرتي كانت أني لا أهتم بطلب أمر دنيوي معين وأسعى لتحقيقه، بل أتحرك وفق المتاح بما يكون لي زادا للرضا الإلهي..فمثلا لا أسعى لنيل درجة الدكتوراه مثلا وأحاول تذليل الصعاب في سبيل هذا الهدف، لأنها ليست مقصودة بذاتها، بل أتحرك وفق المتاح لي واقعا من فرص وظيفية مثلا لأتقوى بها على ما يوصلني لرضا الله جلّ وعلا كغاية عظمى، ومتى ما وجدت أن في عملي مثلا ما يغضب الله تبارك وتعالى، وهذا إخلال بالغاية العظمى أتخلى عن عملي بغير أسف عليه وأتحول لطريقة اخرى تحقق لي رضا ربي وفق المتاح..
أما نظرة أستاذي الكريم كنفرتر فهي أنه لا مشكلة أن أرسم لي طموحا محددا كنيل درجة الدكتوراة وأتخذ منها سلما لبلوغ الرضا الإلهي ، فيكون لي هدف مرسوم واضح، وأنا أسير في طريق تحقيقه متتبعة رضا الله جل وعلا في وسائل ذلك التحقيق، أي لا أتحرك وفق المتاح فقط، بل أصنع بنفسي ما يحقق لي غاية محددة وأذلل الصعاب في طريق بلوغها..
وكنت مصرة على رأيي ( القبول بالموجود) وأظن انني أحسن صنعا، حتى قرأت كتاب سيطر على حياتك الذي أشرت إليه في تدوينتي السابقة ، وقرأت تقسيم الأهداف ،وعرفت مدى خطأ نظرتي وفداحة سوء فهمي!
نعود لعبارة مهدي الذي أوجزت الكثير مما أريد قوله، فهذه العبارة أرجعتني تسع سنوات للوراء، عندما أستلمت وثيقة تخرجي من قسم الأحياء في عام 1423هـ، وما كنت أرسمه لنفسي من آمال، وما فعلته في سبيل تحقيقها، إذ إلتحقت بمجرد تخرجي بدورة تدريبية كفنية مختبر طبي، وأكملت فيها سبعة أشهر، وأخذت شهادتي بيدي لسوق العمل لأتفاجئ برفضه لي، فتخصصي الدقيق ( أحياء نبات) لا يؤهلني لنيل ترخيص العمل كفنية مختبر، لأتحول بعد صدمتي تلك إلى التدريب في المدارس الخاصة والتي كانت تستهلك مجهودي،  ولا أخرج منها بأي فائدة إذ أن التوظيف يحتاج إلى شهادة خبرة لا تقل عن ثلاث سنوات، وأنا لا أملك سوى شهادات التدريب التي لم تعتّد بها أي مدرسة لتقبل بتوظيفي؟!
كما أن تجربتي في التدريب كانت سيئة، إذ لم يسمح لي بالشرح للطالبات سوى مرة واحدة فقط، وكان التركيز عندهم على إنخراطي في العمل الإداري ، لذا لم أمتلك مهارات التدريس الجيد، بل وكنت أراه مهارة لا أستطيع امتلاكها وحلما صعب المنال أمام زحام مهام دفتر التحضير وأوراق العمل وسير الدرس وتقسيم الحصة والتعامل مع الطالبات؟؟!!
ثم واتتني الفرصة بعدها في صباح أحد الإيام لتقع في يدي قصاصة مكتوب بها إعلان عن وظيفة إستقبال في مستوصف نسائي، وأتذكر يومها أنني تأملت تلك القصاصة التي وقعت في يدي مصادفة إذ كانت تغلف أحد المشتريات التي أردت أن أضعها في مكانها، وإذ بعيني تقع على ذلك الإعلان وأقول في نفسي يومها: لعل فيها رزقي؟..وهكذا كان
ولأن خبرتي في الأمور الإدارية جيدة وإستخدامي للحاسب يفي بالغرض لم أجد صعوبة في التكيف مع أول وظيفة حقيقية ألتحق بها، وعرفت طعم الراتب الأول، وفهمت معنى عرق الجبين..
ثم تنقلت في هذه النوعية من الوظائف في أماكن مختلفة برواتب زهيدة، ظنا مني أنني لست أخسر شيئا بذلك بل أكتسب خبرة على الأقل في سوق العمل، ستفيدني حتما يوما ما..
وهكذا توالت أيامي لتستقرّ بي الحال كموظفةٍ في قسم الملفات في إحدى المستشفيات الحكومية قبل سنة من الآن ضمن برنامج التشغيل الذاتي والتي كنت أراها فرصة العمر التي حقا لا تعوض!
المضحك المبكي أنني توظفت بشهادة الثانوية إذ لم يحسب لي البكالوريوس، بل و وقعت على ورقة أتعهد فيها بعدم المطالبة بتحسين وضعي الوظيفي وإحتساب درجة البكالوريوس لي لعدم تناسب التخصص مع المتطلب الوظيفي، وكان هذا شرط القبول في الوظيفة الكنز!!
لذلك أستوقفتني عبارة مهدي أمس، لا بل لأكن صريحة أكثر وأقول صفعتني صفعة موجعة..
وضعتني أمام نفسي وفي رأسي دويّ السؤال: ماذا قدمت لنفسي خلال هذه السنوات التسع؟
هل أنا الآن في الموقع الذي كنت أطمح إليه يوم تخرجي؟
بالطبع إجابتي هي لا، لكن ما اتعبني وارهقني بالتفكير وأصابني بالإحباط هو سؤالي : وإلى ما كنت أطمح من الأساس؟
لم يكن لدي في تلك الأيام كتب تطويرٍ ذاتي، ولم أكن أعرف معنى رسم الأهداف وأهمية تحديدها..
أتذكر أن جلّ همي كان الحصول على وظيفة منذ أيام الدراسة تجعلني أستغني عن طلب الآخرين، لذا ألتحقت بكلية العلوم ظنا مني أنها مفتاح الوظيفة السحري، ثم عدلّت القصد لتصبح وظيفة توافق رضا الله جلّ وعلا أستغني بها، وأتخذ منها زادا لآخرتي، ولا أكون عالة على أحد وهذا ما وصلت إليه الآن، وظيفة كيفما أتفق لا أرى نفسي تنجز شيئا ينميها من خلالها، وشعور متواصل بالإحباط، وتمنٍ لفرصة أفضل في وظيفة أخرى ذات مواصفات أفضل وفي بيئة عمل أفضل، أراها هي الأخرى حلمٌ بعيد المنال في ظل حقيقة سوق العمل في بلادنا، إذ أنني أعلم كم أنا محظوظة أصلا بما حظيت به وهذا ما يخرسني!
نعم أنا محظوظة ولله الحمد، وتوفيقات ربي كانت رفيقتي طوال رحلتي هذه، وحظيت بما لم يجده غيري ممن هم في مثل ظروفي بل ولديهم شهادات أكبر وخبرات أكثر مما لدي، بل ولشدة حباء ربي بي لأني كنت أحجم عن العمل في المستشفى تلافيا لمساؤى الإختلاط، ورغبة في تتبع الأفضل والأحب إلى ربي، فكان أن منّ الله عليّ بجعل هذه الوظيفة في مكتب نسائي!!
لكن يبقى شعوري بالإحباط والأسف ملازما لأني لم أعتني برسم صورة محددة أتمناها لنفسي من الأساس، ولم  أحدد طريقة لتحقيقها وأستغل تلك السنوات التي تصرمت من عمري عبثا في بلوغها، ولو أني فعلت لكنت الآن شخصا آخر أقرب لآمالي وأكثر إرضاءاً لنفسي..
للأسف وقعت ضحية لإختلاط المفاهيم، وضيعت عمري هباءا، صحيح تحكمت بي الظروف والواقع والمتاح أغلب الوقت، لكن حتما لو كانت لي صورة محددة لنجحت في بلوغها بعد كل هذا الزمن، ولركزت جهدي في سبيلها!..
صدمة كبيرة أن تكتشف في الوقت الضائع أنك ضائع..
وتلتفت بعد فوات الآوان إلى فوات الآوان..
ولا يحملنكم كلامي هذا على توهم عدم الرضا، كلا ..فلا إرتباط بين الرضا وشكر الله على نعماءه وتوق الإنسان للأفضل وبذله الجهد لنيله، فأنعم الله عندي جمّة ولا أحصيها، بل وأستحيي منه جلّ ذكره إذ وهبني ما لا أستحق، لكن الله من كرمه دائما يحب لعبده الأفضل ، والعبد هو الذي يرزأ بنفسه عند تقصيره، ويضيع حظه من المواهب الربانية..
لذا أكتب تدوينتي هذه لأعترف فيها بخطأي الذي فات الآوان لتداركه، ولأقول لجميع من يقرأ عصارة العمر المعتق، وعلى الخصوص أخي الفاضل مهدي..
لا تتنازلوا عن أحلامكم ، لا تجعلوا المتاح يتحكم في مصائركم، إجتهدوا في تذليل الصعاب ما أستطعتم، وأرغبوا إلى الأفضل دائما،وأقصدوا وجه الله جلّ وعلا في كل أموركم..وتذكروا دائما: 

"إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً"

أما أنا..فحقا سلمت الآن أنني أعاني من داء عضال اسمه (أزمة طموح) !!


ملاحظة: أرجو من أخوتي الكرام الذين يتابعون مدونتي التفضل بإبداء رأيهم في هذه التدوينة وإذا ما كانوا يرونهم شخصية جدا مثلا و يفضلون حذفها ؟!..وشكرا

_____________________________

* رابط مدونة محراب للأخ الكريم أعماق  http://www.m7rab.com/
* رابط موضوع أزمة طموح في منتدى الأحساء الثقافي  http://www.alhsa.org/forum/showthread.php?t=138456