جلس صامتا مستسلما على كرسيه المتحرك يلوذ بجانبه الملاصق للجدار هربا من تلصص النظرات التي تحرقه بإنهمارها عليه من جميع الجهات..
يداه كانتا ملتويتان إلى الداخل وكذلك رجلاه اللتان نسيتا خشونة الأرض منذ زمن طويل..
كان الضيق باديا عليه..لكنه لا يملك نطقا ليشتكي حاله ويعترض على طول فترة الإنتظار إلى حين وصول دوره في الدخول على الطبيب..فأطرق رأسه مستسلما..وعيناه تسرق النظر لوجوه الآخرين يبحث فيما بينها عن عينين شغلهما عن تأمله شاغل ما..
مررت بجانبه عدة مرات خلال فترة إنتظاره التي جاوزت الساعات الثلاث ، فمكانه كان يتوسط الممر..وفي كل مرة كنت أتحاشى أن ينتبه إليّ لكن لا مناص..
في المرة الأخيرة التي مررت فيها بجواره كان قد بلغ به الجهد والألم مبلغه فأنتابته نوبات تشنج متكررة، وبقي هكذا لا مسعف له إلا صمته والإنتظار!!..
كان منظره مؤلما جدا..تماما كما كان سيري على قدمي وإستقامة بدني مؤلما بالنسبة إليه..
توقفت على البعد منه أتأمل مرارة هذا السجن الذي يقبع في داخله..
تسآئلت ترى لو قيدت بمثل هذا القيد كيف كان سيكون حالي؟
كيف لو كنت محتجزة في صندوق ضيق لا أملك حتى تحريك أصبعي الصغير!؟
وكنت مكممة الفاه كذلك..لا أستطيع الصراخ طلبا لنجدة تخلصني مما أنا فيه!..
ثم كيف لو كان ذلك الصندوق مرتفع على شاهق ويحيط بي سواد الناس يسلقونني بأنظار شداد!!
أستشعرت خدرا يثقل أطرافي لمجرد تخيل ذلك الموقف، وترددت أنفاسي في ضيق شديد..وسارعت بالإبتعاد قبل أن تداهمني نوبة ربو من فرط هذا اللهاث..
وعجبت حقا من نفسي..إذ عشت كل ذاك الضيق من سجن الخيال؟!
و نسيت كم أحكمت قيد النفس في سجن المعاصي!!
_____________________________________
يداه كانتا ملتويتان إلى الداخل وكذلك رجلاه اللتان نسيتا خشونة الأرض منذ زمن طويل..
كان الضيق باديا عليه..لكنه لا يملك نطقا ليشتكي حاله ويعترض على طول فترة الإنتظار إلى حين وصول دوره في الدخول على الطبيب..فأطرق رأسه مستسلما..وعيناه تسرق النظر لوجوه الآخرين يبحث فيما بينها عن عينين شغلهما عن تأمله شاغل ما..
مررت بجانبه عدة مرات خلال فترة إنتظاره التي جاوزت الساعات الثلاث ، فمكانه كان يتوسط الممر..وفي كل مرة كنت أتحاشى أن ينتبه إليّ لكن لا مناص..
في المرة الأخيرة التي مررت فيها بجواره كان قد بلغ به الجهد والألم مبلغه فأنتابته نوبات تشنج متكررة، وبقي هكذا لا مسعف له إلا صمته والإنتظار!!..
كان منظره مؤلما جدا..تماما كما كان سيري على قدمي وإستقامة بدني مؤلما بالنسبة إليه..
توقفت على البعد منه أتأمل مرارة هذا السجن الذي يقبع في داخله..
تسآئلت ترى لو قيدت بمثل هذا القيد كيف كان سيكون حالي؟
كيف لو كنت محتجزة في صندوق ضيق لا أملك حتى تحريك أصبعي الصغير!؟
وكنت مكممة الفاه كذلك..لا أستطيع الصراخ طلبا لنجدة تخلصني مما أنا فيه!..
ثم كيف لو كان ذلك الصندوق مرتفع على شاهق ويحيط بي سواد الناس يسلقونني بأنظار شداد!!
أستشعرت خدرا يثقل أطرافي لمجرد تخيل ذلك الموقف، وترددت أنفاسي في ضيق شديد..وسارعت بالإبتعاد قبل أن تداهمني نوبة ربو من فرط هذا اللهاث..
وعجبت حقا من نفسي..إذ عشت كل ذاك الضيق من سجن الخيال؟!
و نسيت كم أحكمت قيد النفس في سجن المعاصي!!
_____________________________________
أللَّهُمَّ إنِّي أَسْتَوْهِبُكَ يَا إلهِي مَا لا يَنْقُصُكَ بَذْلُهُ، وَأَسْتَحْمِلُكَ مَا لا يَبْهَظُكَ حَمْلُهُ، أَسْتَوْهِبُكَ يَا إلهِي نَفْسِيَ الَّتِيْ لَمْ تَخْلُقْهَا لِتَمْتَنِعَ بِهَا مِنْ سُوء، أَوْ لِتَطَرَّقَ بِهَا إلى نَفْع، وَلكِنْ أَنْشَأتَهَا إثْبَاتاً لِقُدْرَتِكَ عَلَى مِثْلِهَا، وَاحْتِجَاجاً بِهَا عَلَى شَكْلِهَا، وَأَسْتَحْمِلُكَ مِنْ ذُنُوبِي مَا قَدْ بَهَظَنِي حَمْلُهُ، وَأَسْتَعِينُ بِكَ عَلَى مَا قَدْ فَدَحَنِي ثِقْلُهُ. فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَهَبْ لِنَفْسِي عَلَى ظُلْمِهَا نَفْسِيْ، وَوَكِّلْ رَحْمَتَكَ بِاحْتِمَالِ إصْرِي، فَكَمْ قَدْ لَحِقَتْ رَحْمَتُكَ بِالْمُسِيئِينَ، وَكَمْ قَدْ شَمِلَ عَفْوُكَ الظَّالِمِينَ. فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَاجْعَلْنِي أُسْوَةَ مَنْ قَدْ أَنْهَضْتَهُ بِتَجَاوُزِكَ عَنْ مَصَارِعِ الْخَاطِئِينَ، وَخَلَّصْتَهُ بِتَوْفِيقِكَ مِنْ وَرَطَاتِ الْمُجْرِمِينَ، فَأَصْبَحَ طَلِيقَ عَفْوِكَ مِنْ إسَارِ سُخْطِكَ، وَعَتِيقَ صُنْعِكَ مِنْ وَثَاقِ عَدْلِكَ