زوار مدونتي الكرام..
* تمّ إغلاق المدونة، وإيقاف إمكانية التعليق على التدوينات..

** كذلك أحببت التنويه إلى إمكانية التحكم في المقطع الصوتي وإيقافه إن أحببتم عن طريق الآيقونة في آخر الصفحة..
وفقيرة أبقى لدعائكم

الجمعة، 30 سبتمبر 2011

السجين..


جلس صامتا مستسلما على كرسيه المتحرك يلوذ بجانبه الملاصق للجدار هربا من تلصص النظرات التي تحرقه بإنهمارها عليه من جميع الجهات..
يداه كانتا ملتويتان إلى الداخل وكذلك رجلاه اللتان نسيتا خشونة الأرض منذ زمن طويل..
كان الضيق باديا عليه..لكنه لا يملك نطقا ليشتكي حاله ويعترض على طول فترة الإنتظار إلى حين وصول دوره في الدخول على الطبيب..فأطرق رأسه مستسلما..وعيناه تسرق النظر لوجوه الآخرين يبحث فيما بينها عن عينين شغلهما عن تأمله شاغل ما..
مررت بجانبه عدة مرات خلال فترة إنتظاره التي جاوزت الساعات الثلاث ، فمكانه كان يتوسط الممر..وفي كل مرة كنت أتحاشى أن ينتبه إليّ لكن لا مناص..

في المرة الأخيرة التي مررت فيها بجواره كان قد بلغ به الجهد والألم مبلغه فأنتابته نوبات تشنج متكررة، وبقي هكذا لا مسعف له إلا صمته والإنتظار!!..
كان منظره مؤلما جدا..تماما كما كان سيري على قدمي وإستقامة بدني مؤلما بالنسبة إليه..
توقفت على البعد منه أتأمل مرارة هذا السجن الذي يقبع في داخله..
تسآئلت ترى لو قيدت بمثل هذا القيد كيف كان سيكون حالي؟
كيف لو كنت محتجزة في صندوق ضيق لا أملك حتى تحريك أصبعي الصغير!؟
وكنت مكممة الفاه كذلك..لا أستطيع الصراخ طلبا لنجدة تخلصني مما أنا فيه!..

ثم كيف لو كان ذلك الصندوق مرتفع على شاهق ويحيط بي سواد الناس يسلقونني بأنظار شداد!!
أستشعرت خدرا يثقل أطرافي لمجرد تخيل ذلك الموقف، وترددت أنفاسي في ضيق شديد..وسارعت بالإبتعاد قبل أن تداهمني نوبة ربو من فرط هذا اللهاث..
وعجبت حقا من نفسي..إذ عشت كل ذاك الضيق من سجن الخيال؟!


و نسيت كم أحكمت قيد النفس في سجن المعاصي!!


_____________________________________


أللَّهُمَّ إنِّي أَسْتَوْهِبُكَ يَا إلهِي مَا لا يَنْقُصُكَ بَذْلُهُ، وَأَسْتَحْمِلُكَ مَا لا يَبْهَظُكَ حَمْلُهُ، أَسْتَوْهِبُكَ يَا إلهِي نَفْسِيَ الَّتِيْ لَمْ تَخْلُقْهَا لِتَمْتَنِعَ بِهَا مِنْ سُوء، أَوْ لِتَطَرَّقَ بِهَا إلى نَفْع، وَلكِنْ أَنْشَأتَهَا إثْبَاتاً لِقُدْرَتِكَ عَلَى مِثْلِهَا، وَاحْتِجَاجاً بِهَا عَلَى شَكْلِهَا، وَأَسْتَحْمِلُكَ مِنْ ذُنُوبِي مَا قَدْ بَهَظَنِي حَمْلُهُ، وَأَسْتَعِينُ بِكَ عَلَى مَا قَدْ فَدَحَنِي ثِقْلُهُ. فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَهَبْ لِنَفْسِي عَلَى ظُلْمِهَا نَفْسِيْ، وَوَكِّلْ رَحْمَتَكَ بِاحْتِمَالِ إصْرِي، فَكَمْ قَدْ لَحِقَتْ رَحْمَتُكَ بِالْمُسِيئِينَ، وَكَمْ قَدْ شَمِلَ عَفْوُكَ الظَّالِمِينَ. فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَاجْعَلْنِي أُسْوَةَ مَنْ قَدْ أَنْهَضْتَهُ بِتَجَاوُزِكَ عَنْ مَصَارِعِ الْخَاطِئِينَ، وَخَلَّصْتَهُ بِتَوْفِيقِكَ مِنْ وَرَطَاتِ الْمُجْرِمِينَ، فَأَصْبَحَ طَلِيقَ عَفْوِكَ مِنْ إسَارِ سُخْطِكَ، وَعَتِيقَ صُنْعِكَ مِنْ وَثَاقِ عَدْلِكَ

الأربعاء، 7 سبتمبر 2011

المرآءة..



جمد الدم في عروقها وهي تنظر إلى المرآءة!!
كان السواد آخذ بالإنتشار في جلدها بشكل عجيب..فزعت ورمت من يديها تلك المرآءة وهي تردد اللعنات!!..
يا إلهي..ماذا حصل لي؟!!
أسرعت إلى مساحيق التجميل تحاول إخفاء شيءٍ من هذا السواد لكن دون جدوى!!
كان السواد يسابق فرشاتها المملؤة ببودرة التبييض!!
تسآءلت ذاهلة : عجبا ماهذا السواد الذي يغطي جسدي كله، ويسير حثيثا نحو وجهي؟
لابد أن أسارع نحو الطبيب قبل أن يشوه جمالي كلّه، ركضت مسرعة تريد اللحاق بالطبيب قبل فوات الآوان..
بدلت ملابسها ومرت بمرآءتها وهي في طريق الخروج..فزعت لرؤية ذاك السواد وقد غطى نصف وجهها !!..
خرجت باكية صارخة..من هول ما أصابها..
أخذت تركض بأقصى سرعتها وهي تنادي الطبيب كالمجنونة..
أنقذني أيها الطبيب..أنقذني أيها الطبيب
تعثرت أثناء ركضها المتسارع ذاك..وسقطت وشجّ رأسها..
مدت يدها لتتحسس موضع الجرح في جبهتها..وتمسح الدم السخين الذي تفجر منه..هالها أن تجد شعيرات صغيرة بدأت تنمو في ذلك المكان!!
زاد فزعها عندما تحسست وجهها..ووجدته كذلك مملوءًا بتلك النموات!!
قامت تصرخ بكل الفزع الذي سكن حناياه..أيها الطبيب..أنقذني أيها الطبيب..
وصلت إلى العيادة وقد ملأ صراخها المكان..وما أن دخلت حتى رأت الفزع يرتسم على كل الوجوه..
قرأت في عيونهم مقدار التشوه الذي وصلت إليه..
ركضت إلى غرفة الطبيب بلا إستئذان، وأقتحمت غرفة الفحص وجرت نحوه متوسلة : دكتور أنقذني أرجوك..أنقذني..أنظر إلى هذا السواد الذي غزا جسدي وشوه ملامحي..
أجلسها الدكتور وهو يقول: حسنا أهدئي ..أجلسي لأفهم منك..ماهذا؟
أجهشت بالبكاء، وبصعوبة شرحت للطبيب..ماحصل لها هذا الصباح..
نظر إليها الطبيب..ثمّ مدّ يديه يتحسس جلدها المسودّ المُشعر..
كانت تنظر في عينيه تبحث عن بارقة أمل ..
فجأة..قطب الطبيب حاجبيه بأسى..
وقال لها بألم: للأسف..يبدو لقد فات الآوان!!
ثم وجه مرآءتها إليها..
حجظت عيناها وهي ترى وجهها في المرآءة!!
وشقت صرختها سماء الكون...وهي ترى في مرآءتها..
وجه كلب!
_____________________________


طاف بي طائر الخيال..وأنا أتصور هذا الموقف الذي قد يجده البعض محضًا من خيال، كم هو مرعب حقا أن نتصور تشوها يطال شيئا من محاسننا ولا نستطيع له دفعا..
وكم وكم نجهد في تجميل ظواهرنا ونصرف الأموال لعلاج بثرة ظهرت في وجوهنا..بينما نترك دواخلنا ترزح تحت وطأة تشوه عميق، نحاول جاهدين إخفاءه بإستخدام أدوات التزييف المتعددة!!
تذكرت يوما نعيش فيه هذا الموقف بكل صعوبته بشكل حقيقي..
ووجدت في نفسي سؤالاً حائراً:


ترى عندما ينغلق عليّ باب القبر.. على أي صورةٍ سأكون؟


رفعت الأقـــــــــلام ..وطُـــويت الصحف... ( الأربعاء 8/10/1432هـ )
_________________________


لقد تمّ تحرير هذه التدوينة نزولا عند طلب أحد المؤمنين..وأعيد صياغة هدفها ومحتواها..علّها تكون واعظة لي ولكم قبل يوم الرحيل
الفقيرة دوما لدعائكم