زوار مدونتي الكرام..
* تمّ إغلاق المدونة، وإيقاف إمكانية التعليق على التدوينات..

** كذلك أحببت التنويه إلى إمكانية التحكم في المقطع الصوتي وإيقافه إن أحببتم عن طريق الآيقونة في آخر الصفحة..
وفقيرة أبقى لدعائكم

الجمعة، 28 أكتوبر 2011

متاهات وعي!


يعتبر الوعي أحد أبرز التحديات التي تواجهنا في عالم الثورة المعلوماتية الذي نشق عباب العيش فيه ،فهو وحده الذي يتيح لنا فرز غث هذه المعلومات من سمينها، وصحيحها من سقيمها..
فنحن في حياتنا اليومية وتواصلنا مع وسائل الاتصال نتعرض للإغراق المعلوماتي الذي لو لم ندقق في مفرداته لأصبحنا فريسة سهلة للاستغفال والخداع الذي يعجّ به مجتمعنا المعاصر الذي دأب على قلب الحقائق وتزوير حتى أوضح الواضحات بطرق شديدة الدهاء خدمة لأهداف أعداء الحق وعبيد الدنيا الذين لا يألون جهدهم في حرف الناس عن الجادة، والرمي بهم في بئر الضلال السحيق..
كنت أتجول في موقع ويكيبديا عندما لفتني تعريف الوعي المنشور هناك إذ يقول: "لا وعي دون علم فكلما ازداد المرء علماً وفهماً ازداد وعياً.
والوعي كلمة تعبر عن حالة عقلية يكون فيها العقل بحالة إدراك وعلى تواصل مباشر مع محيطه الخارجي عن طريق منافذ الوعي التي تتمثل عادة بحواس الإنسان الخمس. كما يمثل الوعي عند العديد من علماء علم النفس الحالة العقلية التي يتميز بها الإنسان بملكات المحاكمة المنطقية، الذاتية (الإحساس بالذات) (subjectivity)، والإدراك الذاتي (self-awareness)، والحالة الشعورية (sentience) والحكمة أو العقلانية (sentience) والقدرة على الإدراك الحسي(perception)  للعلاقة بين الكيان الشخصي والمحيط الطبيعي له.
والوعي بأمر ما يتضمن معرفته والعمل بهذه المعرفة"
لفتني جدا هذا التعريف..خصوصا في إشارته إلى منافذ الوعي ( الحواس الخمسة) وبتأكيده على ضرورة العمل بالمعرفة كنتيجة حتمية لامتلاك حالة من الوعي يكون ناتجها بكل تأكيد نوع مختلف من السلوك تجاه أمر ما..
فلو تأملنا قليلا لوجدنا أنفسنا في حالة نماء في الوعي بشكل مستمر ، فنحن نتلقى في الساعة الواحدة مئات الرسائل الصوتية والمرئية ، والمتذوقة كذلك؛ والتي تسهم في وعينا بها بحيث أن حالنا قبلها بالتأكيد مختلف عن حالنا بعدها؟
لو تأملنا قليلا في هذا المعنى..لرأينا هدرا عظيما نمارسه لهذه النعمة الإلهية الكبيرة إما بإهمالها، أو باستخدامها بطرق خاطئة تجعل من عملية الوعي مشوهة ، وبالتالي ينتج عنها مدركات وأحكام خاطئة..
ونستطيع في التدليل عليها أن نتأمل أحوال كثير من العلماء الملحدين مثلا، الذين رغم امتلاكهم الوعي إلا أنهم باستسلامهم للمفاهيم الخاطئة،شوهوا صورة ذلك الوعي تماما، فهم يناقشون ويحاضرون عن أصغر أجزاء الذرة، ويفشلون تماما في إستيعاب أنه لا بد لهذا الخلق العظيم من خالق أعظم..
يقول إمامنا أمير المؤمنين عليه السلام : (من عمل بما علم، أورثه الله علم ما لم يعمل)
هذه الرواية عجيبة في دقتها، فدائما ما يؤدي ممارسة الحقائق، إلى قطف ثمارها ، وبالتالي يتسع أفق الإنسان لتلقي مزيدٍ من المعرفة التي تزوده بالكثير من الوعي..
لكن يضل حجر الزاوية في ذلك تحرير العقل من موجبات فساد الرأي وإعتلال الإدراك، وهذا ما يقع على عاتق الفرد نفسه، لكنه ليس بالأمر الصعب تماما كما أنه ليس بالسهل..فوسيلتنا إليه رغبة صادقة تدفعنا للبحث، وتفكير وتأمل يورق في العقل التساؤلات، وتجرد من أي حكم مسبق عند التعرض للحقائق..
ممتعة جدا عملية إكتساب الوعي، وتشبه تماما دهاليز متاهة نسير فيها بحثا عن باب النجاة، ولكن باب النجاة في هذه الحالة لا يستنقذنا فقط من وحشة الوحدة في ممرات لعبة ، بل يستنقذ أرواحنا من ظلامات الجهل، ومصائرنا من سوء العاقبة..
غرقت في تفكيري هذا حتى أذناي ودوى في عقلي سؤال أرقني كثرة التفكر فيه عن مسببات تشوه عملية الوعي ومعيقاتها رغم أنني جميعا نمتلك العقل وما زوده الله جلّ ذكره به من إمكانات هائلة؟
ولم يخرجني من دوامة التفكير تلك إلا صوت مهدي سماواتي الصادح بدعاء أبو حمزة الثمالي : ( اللّهُمَّ اِنّي كُلَّما قُلْتُ قَدْ تَهَيَّأتُ وَ تَعَبَّأتُ وَ قُمْتُ لِلصَّلاةِ بَيْنَ يَدَيْكَ وَ ناجَيْتُكَ اَلْقَيْتَ عَلَيَّ نُعاساً اِذا اَنَا صَلَّيْتُ ، وَ سَلَبْتَني مُناجاتِكَ اِذا اَنَا ناجَيْتُ ، مالي كُلَّما قُلْتُ قَدْ صَلَحَتْ سَريرَتي ، وَ قَرُبَ مِنْ مَجالِسِ التَّوّابينَ مَجْلِسي ، عَرَضَتْ لي بَلِيَّةٌ اَزالَتْ قَدَمي ، وَ حالَتْ بَيْني وَ بَيْنَ خِدْمَتِكَ سَيِّدي لَعَلَّكَ عَنْ بابِكَ طَرَدْتَني ، وَ عَنْ خِدْمَتِكَ نَحَّيْتَني اَوْ لَعَلَّكَ رَاَيْتَني مُسْتَخِفّاً بِحَقِّكَ فَاَقْصَيْتَني ، اَوْ لَعَلَّكَ رَاَيْتَني مُعْرِضاً عَنْكَ فَقَلَيْتَني ، اَوْ لَعَلَّكَ وَجَدْتَني في مَقامِ الْكاذِبينَ فَرَفَضْتَني ، اَوْ لَعَلَّكَ رَاَيْتَني غَيْرَ شاكِر لِنَعْمائِكَ فَحَرَمْتَني ، اَوْ لَعَلَّكَ فَقَدْتَني مِنْ مَجالِسِ الْعُلَماءِ فَخَذَلْتَني ، اَوْ لَعَلَّكَ رَاَيْتَني فِى الْغافِلينَ فَمِنْ رَحْمَتِكَ آيَسْتَني ، اَوْ لَعَلَّكَ رَاَيْتَني آلِفَ مَجالِسِ الْبَطّالينَ فَبَيْني وَ بَيْنَهُمْ خَلَّيْتَني ، اَوْ لَعَلَّكَ لَمْ تُحِبَّ اَنْ تَسْمَعَ دُعائي فَباعَدْتَني ، اَوْ لَعَلَّكَ بِجُرْمي وَ جَريرَتي كافَيْتَني ، اَوْ لَعَلَّكَ بِقِلَّةِ حَيائي مِنْكَ جازَيْتَني)
.
.

ومن سجّاد آل محمد ..أخذت الإجابة
فيممت وجهي شطر دروب النفس علّني أستكشف مواضع الداء..

______________________________

إلهي لو لم تَهدني إلى الإسلام ما اهتديتُ، ولو لم تُطلِقُ لساني بدعائك ما دعوت، ولو لم ترزُقني الايمانَ بك ما آمنت، ولو لم تعرفني حلاوة نعمتك ما عرفتُ، ولو لم تُبيّن شديدَ عقابك ما استجرتُ)