زوار مدونتي الكرام..
* تمّ إغلاق المدونة، وإيقاف إمكانية التعليق على التدوينات..

** كذلك أحببت التنويه إلى إمكانية التحكم في المقطع الصوتي وإيقافه إن أحببتم عن طريق الآيقونة في آخر الصفحة..
وفقيرة أبقى لدعائكم

السبت، 25 يونيو 2011

وشـــمّ..


كان الوشم المحفور على ظاهر يدّ العامل النيبالي واضحا للعيان منذ أن رأيناه أول مرة في قسم الملفات عند إلتحاقنا بالعمل في المستشفى قبل سنة، لم أكن أعلم أنه نيباليا أول الأمر بل ظننته إندونيسيا أو ماليزيا ، كما لم أكترث كثيرا لضيق حدود تعاملي معه من الأساس، لكن بعد أن علمت أنه نيبالي وَثَني بدأت أتحذر كثيرا عندما أضطر للتعامل معه خشية أن يمسك بيدٍ رطبة مثلا أحد الملفات ويناولني إياها، أو يلمس بها الطاولة أو يدّ الكرسي..
وكنت إذا سنحت لي فرصة حين غفلته؛ اتأمل في خطوط ذاك الوشم بفضول لعلّني أتوصل لشيء من دلالته، وحدست حينها أنه ذو دلالة دينية عنده..
كان العامل النيبالي مخلصا جدا ومتفانيا في عمّله وخلوقا رغم كونه مجرد مراسل وعامل نظافة بسيط..
تعليمه كذلك كان بسيطا كما هو أجره الذي لا يزيد عن ستّ مائة ريال شهرياً، في قبال ساعاتِ عملٍ تمتد لنصف يوم كامل من شروق شمسه وحتى غروبها، ومن السبت حتى الخميس ،لا يحق له الراحة فيها أكثر من نصف ساعة يأخذها بعد لأي..
ومع ذلك لم يكلّ يوما، ولم يتذمر يوما، بل وكانت البسمة لا تفارق محياه، ولعلّه في بعض الأحيان كان يتعرض للعقوبة والخصم لأن الجوع قرص زميلتي فبعثت به للبوفية التي على مدخل المستشفى ليأتي لها بطعام الإفطار في وقت العمل؛ ليستقبل الموقف بضحكته المعهودة ويأتي ليخبرها أن فلانا أخذ منه الـ ( ID) خاصته، ويتركها محتارةً في سبيل الحلّ قلقةً على ما سيناله من عقاب لا يحمل له هو همّاً..
كم تبادلت وزميلتي الحديث عنه وعمّا يقاسيه من ذل الغربة ومرارتها، ورغم ذلك يجد سببا للإبتسام وحافزا ليواظب على الحضور يوميا ليعمل بكلّ همّة ونشاط ويتميز عن بقية العاملين حتى من المسلمين..
لم أستطع إلاّ أن أكنّ له إحتراما كبيراً، وأتحسر مع زميلتي على عقيدته الوثنية، وكم تحدثنا أكثر من مرةٍ  إلى رؤسائنا في العمل في إقتراح منحه جائزة العامل المثالي..
زميلتي في العمل من الطائفة السنية، ومن ذوات الإلتزام الديني، لذا كانت لا توفر فرصة بين فترة وأخرى لتلقي بحديث من هنا أو هناك بمناسبة أو دون مناسبة على مسمع من ذلك العامل عن الدين والله جلّ وعلاّ والإسلام، لكن حركاتها كانت مكشوفة بالنسبة إليه، فيتلقاها بإبتسامته المعهودة ثم يمضي..
في الأسبوع الماضي..كسرت زميلتي حاجز التردد، وتحينت فرصة وصول العامل النيبالي وأحد العمال المسلمين من الجنسية البنغالية لتتوجه إليه بسؤال أرادته محرجا قائلة:
تيك..ماهذا الوشم على يدك؟
تبسم بصمت كعادته، بينما عاجلها المسلم بالجواب : هذا ( الله) مال هوَ، أحنا ( الله) في السماء، وهو ( الله) مال هوَ معاه!
اتسعت إبتسامة العامل النيبالي ولمعت عيناه بفخر وهو يقول: نعم أنا إلهي  حيثما كنت معي..
غصصتُ بريقي..و قد أحرجني هذا الجواب!
الآن فقط فهمت سرّ تميزه الدائم..
لقد وعى رغم ضلاله ، ما غفلنا عنه نحن رغم إسلامنا!!

( وإعلم أنك لن تخلو من عين الله..فأنظر كيف تكون)

هناك 10 تعليقات:

  1. السلام عليكم

    كنت قد قررت قبل أن أفتح الجهاز بدقائق أن أتوقف عن التعليق هنا, لنفس السبب الذي يلجم حروفي دائماً طوال الفترة الماضية عن التعليق على أطروحاتكم هنا وبأماكن أخرى .. وهو أني لا ملك كلمات أو مصطلحات مناسبة تجاري هذا السيل مما لا أفقه ماذا أسميه, هل هو ثقافة أو ملكة أو هبة ربانيه أو أو ..

    لكن متابعتي الصامته تجعلني في موقف المجحف ..!

    اما بخصوص التدوينه
    فبحق تأمل رائع, ومناسب لينقل كدرس في التنمية البشرية !
    نعم هم دائماً سعيدين لأنهم بسطاء وقليلي تعليم !
    تذكرت تلك النصيحة السخيفة التي تلقيتها تقول : إذا أردت أن تكون سعيد فكن بسيط ... وإذا أردت أن تكون بسيط لا تتعمق في العلم !

    أما بخصوص مشكلة التعليق ..
    قومي بأستخدام متصفح غير إكسبلورر.. مثل قوقل كروم

    عذراً على الإطالة .. أطيب التحايا

    ردحذف
  2. بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صلّ على محمد وآل محمد وعجلّ فرجهم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
    أيها الأعماق الكريم..
    إن تركت التعليق فمن سيكسب سطوري معنى ومن سيهبها الحياة؟
    أنا كذلك -والله الشاهد- أحار في الردّ على مداد الصدق الذي تنسج منه الحروف، ولا أعلم كيف أصنفه هل هو محض نقاء، هل هو ملكة هل هو هبة ربانية؟
    نصيحتك التي جدت بها علينا بليغة جدا،ولا زلت أكررها لأسبر غورها..
    أيها الأعماق الكريم..
    لا تضنن إلا على ما تراه لا يستحق..
    شكري يقف خجولا أمام هذا السخاء فأسماله مهما جهدت في تزيينها باليه..
    وشكرا لنصيحتك التقنية التي أتاحت لي شرف الردّ
    ممتنة بعمق..
    وفقيرة أبقى لدعائك

    ردحذف
  3. أم الحســـــــــــــــــــــن27 يونيو 2011 في 11:20 ص

    بسم الله الحي القيوم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    وقفة عظيمة فيها درس جلي نمر يه كثيراً في وقفات
    الحياة ممن تأسلموا بغير إسلام

    لكن العبرة لمن يتفكر ويتأمل ثم يعتبر ويتعض..
    ليعلم إن ( من كان بالله أعرف كان من الله اخوف )
    وإن (لكل شيء معدن ومعدن التقوى قلوب العارفين )
    ويقين هذا العامل ومعرفته بإلهه هي من حددت مسار
    حياته وإن كان اساسها باطل وعقيم


    زادكم الله علماً وتقى وحفظ لنا هذاالمداد السخي
    من أعماق القلب
    لكم كل التحايا وأخلص الدعاء

    ردحذف
  4. بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صلّ على محمد وآل محمد وعجلّ فرجهم
    وعليكِ السلام من ربك السلام ورحمة وبركات وإكرام
    لا تعلمين كم أغبط عيناي أن أبصرتا حروف إسمك هنا بعد طول إنتظار..
    ( من كان بالله أعرف، كان من الله أخوف)
    يا أبنة الطيبين الصمت في حرم جمال حضورك جمال..
    حروفك وشمٌّ زين صدر هذه التدوينة، وتاج شرفٍ لعصارة العمر المعتق وصاحبتها..
    أم الحسن..ومن أعماق القلب لكِ كل الحبّ وخالص الدعاء، وجزيل الإمتنان

    ردحذف
  5. العزيزة / أمة الحسين سـلامـ عليك

    تركت تعليقـي على هذه التدوينة بالذات
    كونها علقت بذهنـي كثيـرا وبقيت ملازمة !
    حتـى عندما أكون في زيارة إلى المستشفى كل عامل آسيوي يقابلني يذكرني بـها :)

    الشكـر قليل في حقـك :)

    " مـــلك " ..

    ردحذف
  6. بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صلّ على محمد وآل محمد وعجلّ فرجهم
    وعليكِ من ربك السلام والرحمة والإكرام..
    مـــلكْ..
    يبدو أن هذه التدوينة ستكون وشم جمال تتيه به المدونة..
    فعندما ترفرف الملائكة في مدونتي فجرا، لا أملك إلا إستقبالها بوشوشات الدعاء..
    ممتنة لحضورك الحبيب..ولا أفي
    والشكر في حقكم قاصر..
    فقيرة أبقى لدعائك الطاهر

    ردحذف
  7. تَدوينة رائِعة، لَيتَ لدينا مِثل تفكير هذا العامِل.

    ردحذف
  8. السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

    دوينه رائعة و حفرت في قلبي و نفسي حفرة لا يمكن أن تطمر بسهولة لروعتها و عمق تأثيرها.

    فعلاً تعجز الألسن عن التعبير و تقصر الحروف في أن تتجمع بطريقة تفيك شكراً لهذه الموعظة التصويرية و لهذا أترك الجزاء لخير مجازي و أعظمهم.

    حقيقية لا وقت لدي لأبدي ما في نفسي فأنا في طريقي للسفر إلى الله حاملاً معي كلماتك الذهبية و لفتتك النورانية و مؤكد سيذكرني بها وجود ملايين الآسيويين في تلك البقاع الطاهرة.

    احتاج أن أعود لألتذ و أتذكر أكثر و أكثر و لحين عودتي تقبلي إعجابي و وعدي بالدعاء لك و لكل من يشبهك من المبدعين.

    محاور

    ردحذف
  9. سلام الرحمة

    يالبسطاتهم رغم ضيق المعيشة! سلام الله على العامل ^^


    شكراً عزيزتي
    حلم الحرية .

    ردحذف
  10. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
    أهلا ومرحبا بمن تشرفت المدونة وصاحبتها بحضورهم هنا..

    الأستاذ الكريم/ مظاهر حبيب..
    تفكير هذا العامل هو نداء الفطرة تجاه الخالق أيها الكريم..لكن ضلالة معتقده جعله يسقطه على تمثالٍ في معبد..
    رزقك الله وإيانا جلاءا لقلوبنا حتى تشع بضياء الفطرة من جديد..
    مرورك هو المتسربل بالروعة أيها الفاضل فجزيل الشكر لك عليه..
    .
    .
    .
    الأستاذ/ محاور..
    أتمنى حقا أن تكون تدوينتي كما تصفون..لأنكم بكل صدق وصفتموها بفوق ما تستحق..
    إن وجدتم لها من أثر..فحتما ليس الفضل لما فيها..بل لمن قرأها فوعاها فوق حتى قصد كاتبتها..
    تقبل الله أعمالكم بأحسن القبول، وأدام توفيقاتكم لما يحبه ويرضاه
    جزيل الشكر لمروركم الكريم..ودعائكم الطاهر
    .
    .
    الكريمة/ حلم الحرية..
    نعم سلام الله على العامل الذي لا يلهيه عيشه عن ذكر مولاه..
    مرور جميل بجمال حضورك فيه وبليغ على وجازته
    .
    .
    أيها الكرام جميعا..أتمنى أن تتشرف بحضوركم جنبات المدونة..وإلا تجعلوه وترا..
    كما أتشرف بأي ملاحظة أو نقد تتفضلون به علي..
    موفقين جميعا لكل هداية ورضا..
    وفقيرة أبقى لدعائكم دوما

    ردحذف

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.